فصل: المصطلح الثاني من مصطلحات الديار المصرية ما كان عليه الحال في الدولة الأيوبية مما جرى عليه القاضي الفاضل ومن بعده:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: صبح الأعشى في كتابة الإنشا (نسخة منقحة)



.الجملة الثانية في خواتم المكاتبات على اصطلاحهم:

وهي على أساليب:
منها: أن يختم الكتاب بالسلام المجرد هن الدعاء. كما كتب أبو عمرو الباجي في خاتمة كتاب: وأقرأ عليك يا سيدي، وأسنى عددي، وأجزل السلام وأحفله، وأتمه وأكمله.
ومنها: أن يختم بالدعاء. كما قال أبو المطرف بن الدباغ في خاتمة كتاب: والله لا يخلي مولاي من عبد يسرقه، ومنعم ينعم عليه بما يستحقه، وجميل يوليه، وصنع يسديه، بمنه وجميل صنعه.
ومنها: أن يختم بذكر التودد والمحبة. كما قال أبو جعفر الكاتب في آخر كتاب: وإن لم يكن لي من الحق ما لا أتبسط عليه، فلي من الود ما أمت به إليه، فحسبي به سلماً إلى فضلك، وذريعة إلى مجدك، إن شاء الله تعالى والسلام.
ومنها: أن يختم باستماحة النظر في أمر المكتوب عنه. كما كتب أبو المطرف بن المثنى في خاتمة كتاب: ولط الطول العام، والفضل الزاهر، في اعتبار أمري، وتحقيق خبري، والسلام.
إلى غير ذلك من الخواتم التي تستدعيها المكاتبة وتستوجبها المقاصد، وفيما ذكر من الصدور والخواتم ابتداء وجواباً مقنع لمن تأمل والله المستعان في الأمر كله.

.المقصد الثالث في الإخوانيات المستعملة بالديار المصرية:

وفيه ثلاثة مصطلحات:

.المصطلح الأول: ما كان عليه في الدولة الطولونية وما قاربها مما جرى عليه ابن عبدكان وغيره:

وفيه أربعة مهايع:
المهيع الأول في الصدور، وهي على ضربين:
الضرب الأول ولهم فيه أساليب:
الأسلوب الأول: منها: الدعاء بطول البقاء وما في معناه. كما كتب ابن عبدكان في صدر المكاتبة: أطال الله بقاءك، ففي إطالته حياة الأنام وأنس الأيام والليالي، وأدام عزك ففي إدامته دوام الشرف ونمو المعالي، وأتم نعمته عليك فإنها نعمة حلت محل الاستحقاق، ونزلت منزلة الاستيجاب ووقفت على من لا يكره الآلء مكانه، ولا تنكر الفواضل محله. وكما كتب عمر الله بك الأزمنة والدهور، وآنس ببقائك الأيام والشهور، وأمتع بدوام عزك السعداء بحظهم منك.
ومنها: الدعاء بدوام النعمة. كما كتب: أسبغ الله عليك نعمه الراهنة بنعمة المستظفر، وصانها لديك بإيزاع الشكر عليها، فلم أر ولله الحمد نعمة قصدت مستقرها، وتوخت وليها، وتمنت كفؤها، إلا نعمتك أكسبت أولياءها عزاً ونضرة، وملأت أعداءها ذلة وغضاضة، وتمكنت بحل الصيانة والرعاية، وخيمت بمستقر الشكر والحمد.
ومنها: اطراح الدعاء بدوام النعمة لتقييدها بموجباتها منها. كما كتب: قد كفى الله عز وجل مؤونة الدعاء لنعمتك بالنماء، لأنها توخت لديها محلها، فحلت بفنائك سارة، مطمئنة قارة، تستوثر مهادها قبلها، وتستهنأ مواردها عندك، ولم تزل تائقة إليك، متطلعة نحوك بما استجمع لها فيك، من لطيف السياسة وحسن الاحتمال لأعباء المغارم، فهنأكها الله متصلة البقاء بطول مدة بقائك، ومتحلية بحسن فنائك، فلا زلت لعوارف النعم مستدعياً، وللشكر بالزيادة فيها ممترياً، وبدوام الحمد لردفها مستمرياً.
ومنها: الدعاء بجعلت فداك. كما كتب: جعلني الله فداك، فإن في ذلك شرفاً في العاجل، وذخر العقبى في الآجل، وخير تراث لمخلفي من بعدي، دعاء أخلصته النية، وصدقته الطوية.
ومنها: استكراه الدعاء بالتفدية. كما كتب: إن قلت في كتابي إليك: جعلني الله فداك، فأكون قد بخستك حظ إجسانك إلي، وحق مفترضك علي، لأنها نفس لا توازن ساعة يومك، ولا توازي طرفة من دهرك، وإنما يفدى مثلك بالأنفس التي هي أنفس من الدنيا وأعرض من أقطار الأرض.
ومنها: تفدية النعمة إعظاماً لها. كما كتب: جعلني الله فداء نعمتك التي علت ذروة سنامها، وفاضت درة سائها، فعمرت أقطار الآملين، ونضرت جناب ناحية المعتدين.
ومنها: الدعاء بصلاح الدنيا وغبطة الآخرة. كما كتب: أسعدك الله ببعواقب قضائه وقدره، ووهب لك الصلاح في دينك والسلامة في دنياك.
ومنها: الدعاء بكبت العدو. كما كتب: مكن الله يدك من ناصية عدوك بالصولة عليه، ومن زمام وليك بالإحسان إليه، وبلغك من كلتا الحالتين ما ينمي على تأملك، ويوفي على تمنيك.
ومنها: الدعاء المشترك بين المكتوب عنه والمكتوب إليه. كما كتب: أدام الله أنسي بحياتك، وحرسني من الغير في نعمتك، وأكرمني بصيانة أيامك ولياليك، وأعزني بذل عدوك وقمع حاسديك.
ومنها: الدعاء بطيب الحياة. كما كتب: عش أطيب الأعمار، موقى من سوء الأقدار، مبلغاً نهاية الآمال، مغبوطاً في كل الأحوال، لا ينقضي عنك حق عارفة حتى تجدد لك أخرى أجل منها، ولا يمر بك يوم من الأيام إلا كان مؤمناً على أمسه عن فضلة غده.
ومنها: الدعاء باقتضاء العدل والإنصاف. كما كتب: جعلك الله ممن ينظر بعين العدل، وينطق بلسان القسط، ويزن بقسطاس الحق، ويكيل بمعيار الإنصاف.
ومنها: الدعاء بإيزاع الشكر. كما كتب: وصل الله لك كل نعمة ينعمها عليك من الشكر بما يكون لحقها قاضياً، وللمزيد إليها داعياً، ومن الغير مؤمناً، والسلامة موجباً.
ومنها: الدعاء للحاج بالبلاغ. كما كتب: أوطأك الله في مسيرك أوثر المطايا، وخولك فيما نويته أسبغ العطايا، وأوردك الهداية إلى الكريم المشاهدة وزكي المواقف وأولاها بالزلفة المقبولة، والقربة المأمولة.
ومنها: الدعاء للمسافر. كما كتب: جعلك الله في حفظه وكنفه، وأحاطك بحيطته، وجعل سفرك أيمن سفر عليك، ورجع لك بدرك الحاجة، وبلوغ الأمل، ونجح الطلبة، ونيل السؤل.
ومنها: الدعاء بالعافية من المرض. كما كتب: مسح الله ما بك، وعاد بالبر عليك، وعجل الشفاء لك، ومحص بلواك.
ومنها: الدعاء للولاة. كما كتب: أجرى الله بالخير يدك، وصما بالعز طرفك، وأوطأ كل مكرمة قدمك، وأطال إلى كل غاية هممك، وبلغك أقصى محبتك.
ومنها: الدعاء في الأضحية بقول النسك. كما كتب: جعلك الله بقبول النسيكة والقربان، فائزاً بالأجر والرضوان، مخلصاً لله بالإيمان في السر والإعلان، مؤدياً لما افترض عليك، شاكراً لإحسانه إليك.
ومنها: الدعاء بالهناء في الأعياد. كما كتب: عرفك الله في هذا العيد المبارك من السلامة وعمومها، والعافية وشمولها، والعارفة سبوغها، والحياطة وكمالها، والحماية وجمالها، وأفضل ما عرفك في ماضي أعيادك، وسالف أعوامك.
ومنها: الدعاء بدفع النوائب. كما كتب: كان الله جارك من فجائع الدهر ونوبه، وولي إنعام النعمة فيما آتاك من فضله، وتطول عليك من حسن الحياطة لما تولاك والذب عما أفادك.
الأسلوب الثاني: أن تفتتح المكاتبة بلفظ: كتابي أو كتبت.
فأما كتابي، فكما كتب ابن عبدكان: كتابي إليك وأنا استعيب الأيام فيك، وأصانع الزمان في تقريبك، وربع الجوار الذي كنا نسكن تحت ظلاله، ونتفيأ برونق جماله، بأجل تحفة، وأيسر ألفة، وأعذب مشاهدة، وأصدق مشافهة، ولعل أن يرتاح فيشعب صدعاً، ويؤلف جمعاً.
وأما كتبت، فكما كتب ابن عبدكان أيضاً: كتبت وأنا من حنين الصبابة إليك، وإرزام الشوق نحوك، وأليم التشوق إليك، ولاعج اللوعة بك، على ما أسأل الله أن يرحم ضعفي ويتصدق علي برؤيتك، ويهب لي النظر إلى وجهك وجمال غرتك، التي هي حليف الجذل، ونزهة الأمل.
الأسلوب الثالث: أن تفتتح المكاتبة بالخطاب بأنا.
كما كتب: أنا من جملة صنائعك، وحفظة ودائعك، وشكرة إحسانك، متى تصرفت في البلاد، فأنا المعروف بمعروفك، والعائش بجدواك، وأنت منزع همتي وقرة عيني، ومدار أملي، ومحل رجائي.
الضرب الثاني: الأجوبة:
وابتداؤها إما كما في الصدور الابتداآت كما تقدم ثم يقع التعرض لوصول الكتاب، وإما بإن تصدر بوصوله وهو الأكثر. كما كتب ابن عبدكان: وصل كتابك فدفع تباريح الشوق وقمع كآبة البين، وأطفأ لهيب الحرقة، وبرد حر الصبابة. وكما كتب: وصل كتابك مشتملاً من أنواع البر، على ما يقصر في جنب أيسره أعظم الشكر.
وكما كتب: وصل كتابك المصدر بجواهر لفظك، وبدائع معانيك، ومحاسن نظمك، مستودعاً ما لا يقدر على حمده وشكره إلا بالاعتراف بالعجز عنه، وما أشبه ذلك.
المهيع الثاني في خواتم الكتب:
وكان اختتام المكاتبات عنه أهل هذا المصطلح على ما تقدم في مكاتبات أهل المشرق من استماحة الرأي، إما بلفظ فإن رأيت: كما كتب ابن عبدكان: فإن رأيت أن تأتي فيه مؤتنفاً، ما لم تزل تأتيه سلفاً، فعلت.
وإما بلفظ فرأيك: كما كتب: فرأيك فيه بما أنت أهله، فإن الرأي الذي أنت أهله، فوق ما يلتمسه المسرف في همته، والمتبسط في أمنيته. وكما كتب فرأيك في ذلك بما تقضي به الحق وتصل به الذمام وتحفظ به الحرمة وتصدق به الأمل، وتقتعد به الصنعة، وتستوجب به الشكر.
المهيع الثالث في عنوانات الكتب:
ومصطلحهم فيه على نحو ما تقدم في مكاتبات أهل الشرق، وكتابة إلى فلان من فلان، أو من فلان إلى فلان.
فأما ما يكتب إلى فلان من فلان، فكما كتب ابن عبدكان: للسيد الذي استعبد الأحرار بفضله. وكما كتب: لمن قربه يمن وسعادة، ونأيه نكد ومحنة.
وأما ما يكتب من فلان فكما كتب: من صريع الشوق إليه، وأسير الرقبة عليه. وكما كتب: ممن لا يتمنى الخير إلا له، إذ كان لا يناله إلا به.

.المصطلح الثاني من مصطلحات الديار المصرية ما كان عليه الحال في الدولة الأيوبية مما جرى عليه القاضي الفاضل ومن بعده:

وهو على قسمين:
القسم الأول: الابتداء: وليس لمصطلحهم ضابط في الابتداء ولا في الترتيب في الرفعة والضعة، بل افتتاحاتهم في هذه متباينة. فمن ذلك الافتتاح بالدعاء، وهو أكثر ما يقع في مكاتبتهم، والغالب في ذلك الدعاء للمجلس، كما كتب القاضي الفاضل إلى العماد الأصفهاني: أدام الله أيام المجلس التي لحسنات المدل مدلية، ولعثرات المقل مقلية، ولمعاطف العز مميلة، ولمقاطف الفوز منيلة، ولقدح الجدوى مجيلة، ولا زالت الآراب بمكارمه باجخة، والآراء بمراسمه ناجحة، ومتاجر المفاخر بموالاته رابحة، وأيدي الآمال لأيديه بمصافاته مصافحة، وأرواح أوليائه بروح آلائه في المواطاة أعطياته عابقة فاتحة، وأدعية الداعين لأيامن أيامه، المذعنين لعهوده إنعامه، طيبة صالحة.
ومن ذلك افتتاح العماد الأصفهاني في اعتذار تأخر المكاتبات: إن تأخرت مكاتباتي، فإن العذر معلوم، والأجر محتوم، والقلم مصدود، واللقم مسدود، والبلد محصور.
إلى غيرها من أساليبهم المشهورة التي لا يسع استيعابها، ولا حاجة إلى الإمعان في ذكرها.

.المصطلح الثالث من مصطلحات الديار المصرية في الإخوانيات ما جرى عليه الاصطلاح في الدولة التركية:

مما رتبه القاضي محيي الدين بن عبد الظاهر والشيخ شهاب الدين محمود الحلبي والمقر الشهابي بن فضل الله، ومن جرى مجراهم من فضلاء الكتاب إلى زماننا مما هو دائر بين أعيان المملكة وأكابر أهل الدولة من نواب السلطنة وسائر الأمراء والوزراء ومن في معناهم من أعيان الكتاب ومن نهجهم من أرباب الوظائف وفيه مهيعان:
المهيع الأول في رتب المكاتبات المصطلح عليها:
وقد اختلفت مقاصدهم فيترتيبها اختلافاً متقارباً في الزيادة والنقص والتقديم والتأخير، مع مراعاة أصول المراتب. وها أنا أذكر ما استقر عليه الحال من ذلك، وأبه على ما خالفه من ترتيبهم المقدم الذكر، لتحصل الإحاطة به، ويعلم ما جرى عليه أهل كل من عصر منهم مما لعل مختاراً يختاره، أو ينسج على منواله، منبهاً على وهم من وهم في شيء من ذلك.
واعلم أنهم قد بنوا هذا النوع من الإخونيات على قاعدتين، تتعين معرفتها قبل الخوض في رتب المكاتبات:
القاعدة الأولى فيما يتعلق بورق هذه المكاتبات:
قد جرت العادة أن تكون جميع هذه المكاتبات من الأعلى إلى الأدنى، ومن الأدنى إلى الأعلى، ومن النظير إلى النظير، في ورق قطع العادة دون ما فوقه من مقادير قطع الورق المتقدمة الذكر، غير أن الأعيان أهل الديار المصرية يكاتبون في الورق المصري، وأعيان أهل الشام يكاتبون في الورق الشامي، لكثرة وجوده عندهم، والمعنى في ذلك أن كتب السلطان الصادرة عنه إلى جميع أهل المملكة من النواب وغيرهم في هذا القطع، فلا جائز أن تعلو مكاتبة أحد منهم على مكاتبة السلطان في ذلك.
ثم قد اصطلحوا على أن يكون في أعلى المكاتبة عن كل أحد من أعيان الدولة قبل البسملة وصل واحد بياضاً، إذ كان أقل ما يجعل بياضاً في الكتب السلطان وصلين فاقتصروا على وصل واحد، كي لا يساويه غيره في ذلك، واصطلحوا أيضاً على أم لا تنقص المكاتبات المذكورة عن ثلاثة أوصال: الوصل الأبيض في أعلى المكاتبة على ما تقدم، ووصلان مكتوبان، إذ لو نقص عن ذلك، لخرج الكتاب في القصر عن الحد فيزدرى، أما لو عدت الضرورة إلى الزيادة على الثلاثة لزيادة الكلام فلا مانع منه، واصطلحوا على أن يترك للكتاب حاشية بيضاء تكون بقدر ربع الدرح على ما تقدم ذكره في غير هذا الموضع.
القاعدة الثانية فيما يتعلق بخط هذه المكاتبات وكيفية أوضاعها:
وقد اصطلحوا على أن جميع هذه المكاتبات تكتب بقلم الرقاع على ما تقدم ذكره في الكلام على قطع الورق من أن لقطع العادة قلم الرقاع. واصطلحوا أيضاً على أن تكون كتابة البسملة في أول الوصل الثاني من المكاتبة، وأن يكون تحت الجلالة من البسملة لقب المكتوب عنه المضاف إلى ملكه أو أميره، فإن كان المكتوب عنه من أتباع السلطان كنواب السلطنة وغيرهم من الأمراء والوزراء ومن في معناهم من رؤساء الكتاب السلطانية، كتب الملك الفلاني، بلقب ملكه السلطان، مثل الملكي الظاهري ونحو ذلك كما في هذه الصورة: بسم الله الرحمن الرحيم الملكي الظاهري، وإن كان المكتوب عنه من أتباع الأمراء كاستدار أمير ونحوه، انتسب في كتابه إلى لقب أميره الخاص مما يضاف في التلقيب إلى الدين، فإن كان أميره لقبه سيف الدين مثلاً، كتب بدل الملكي الفلاني: السيفي، وإن كان لقب أميره ناصر الدين كتب الناصري، وإن كان لقبه علاء الدين كتب العلائي، ونحو ذلك. وإذا كتب تحت الجلالة من البسملة الملكي الفلاني ونحو ذلك، جعل ما قبله في السطر بياضاً وما بعده بياضاً، ويكون ذلك قطعة من سطر مفردة بذاتها. واصطلحوا على أنه كلما دق القلم وتقاربت الأسطر، كان أعلى في رتبة المكتوب إليه، وكلما غلظ القلم وتباعدت الأسطر كان أنزل في رتبة المكتوب إليه. واصطلحوا على أن في الرتبة العلية من المكاتبات يكون السكر الأول من المكاتبة تلو الملكي الفلاني وما في معناه ملاصقاً له، وفيما دون ذلك من المكاتبات يترك بياضاً يسير، ولا يكتب فيه شيء، وكأن المكتوب عنه يقول للمكتوب إليه: هذا محل العلامة، ولكني قد تركت الكتابة فيه وكتبت بحاشية الكتاب تأدباً معك ورفعة لقدرك، وفيما دون ذلك يترك بياضاً أوسع من ذلك ويكتب فيه المكتوب عنه علامته على ما سيأتي بيانه في مواضعه إن شاء الله تعالى. واصطلحوا على أنه بعد انتهاء الكلام في المكاتبة يكتب إن شاء الله تعالى في خطه. ثم يكتب التاريخ في سطرين: اليوم والشهر في سطر، والسنة في سطر، ثم يكتب الحمدلة والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في سطر، ثم الحسبلة في سطر على ما تقدم بينه في الكلام على الفواتح والخواتم في المقالة الثالثة.
وليعلم أن هذه المكاتبات على قسمين:
القسم الأول: الابتداءات:
وهو على أربعة درجات سق توجيه ترتيبها في الكلام على أصول المكاتبات وفي أول هذه المقالة:
الدرجة الأولى: المكاتبة بتقبيل الأرض، وهي أعلاها رتبة بالنسبة إلى المكتوب إليه. واعلم أن كثيراً من كتاب الزمان يظنون أن المكاتبة بتقبيل الأرض من مخترعات كتاب الدولة التركية، بل بعضهم يطن أنها مخترعات المقر الشهابي بن فضل الله وليس كذلك، بل المكاتبة بذلك كانت موجودة في أواخر الدولة العباسية ببغداد، ثم سرت إلى الديار المصرية في أوائل الدولة الأيوبية، فاستعملت بعض الاستعمال، والمكاتبة بذلك موجودة في كلام القاضي الفاضل في بعض المكاتبات الملوكية، ومن ذلك ما كتب به عن نفسه إلى السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب في صدر كتاب تهنئة بمولود: المملوك يقبل ارض بالمقام العالي الناصري، نضر الله الإسلام بمقامه، وأهلك أعداء الحق بانتقامه، ولا أعدم الأمة المحمدية عقد التزامه، بكفالتها ومضاء اعتزامه. ثم توسع في الكتاب بعد ذلك كاتب به الآحاد بعضهم بعضاً.
وقد رتبوا المكاتبة بتقبيل الأرض في المصطلح المستقر عليه الحال على خمس مراتب: المرتبة الأولى: الإتيان بالإنهاء بعد يقبل الأرض من غير تعرض لذكر دعاء ولا ثناء، مع مراعاة الاختصار وعدم السجع وتقارب السطور، مثل أن يكتب بعد البسملة ولقب المكتوب عنه الذي تحت البسملة: يقبل الأرض وينهي كيت وكيت، وسؤال المملوك من الصدقات العميمة بروز الأوامر العالية بكيت وكيت، أو: والمملوك يعرض على الآراء العالية كيت وكيت، ونحو ذلك، ويختم الكتاب بقوله: أنهى ذلك، أو طالع بذلك، وللآراء العالية مزيد العلو، ويعبر عن المكتوب عنه في خلال المكاتبة بالمملوك. ويختلف الحال في الخطاب المكتوب إليه، فإن كان من أرباب السيوف وهو نائب سلطنة خوطب بمولانا ملك الأمراء عز نصره أو أعز الله أنصاره، وإن كان أميراً غير نائب سلطنة، خوطب بمولانا المخدوم ونحو ذلك مما تقتضيه الحال، وإن كان وزيراً رب سيف خوطب بمولانا الوزير، وإن كان قاضياً خوطب بمولانا قاضي القضاة، وإن كان عالماً كبيراً خوطب بمولانا شيخ الإسلام، وإن كان من مشايخ الصوفية خوطب بمولانا شيخ الشيوخ، وعلى ذلك بحسب المراتب والوظائف على ما تقتضيه رأي الكاتب بما يناسب الحال.
والعنوان في هذه المكاتبة: الفلاني مطالعة المملوك فلان، ويعبر عن ذلك: بالفلاني بمطالعة. وقد يعبر عن ذلك عن نفس المكاتبة. وصورته: أن يكتب في رأس ظاهر المكاتبة من الجانب الأيمن الفلاني باللقب الخاص بالمكتوب إليه، كالسيفي، والناصري، والشمسي، وما أشبه ذلك. ويكون ذلك ممتداً إلى نحو ربع عرض الدرج، وتحته فلان بما يقضي تعريفه من وظيفة أو شهرة. فإن كان نائب سلطنة كتب تحت الفلاني: مولانا ملك الأمراء بالمكان الفلاني، وإن كان وزيراً كتب: مولانا الوزير بالمكان الفلاني، وإن كان قاضي قضاة، كتب: مولانا قاضي القضاة بالمكان الفلاني، ونحو ذلك، ويعبر عن ذلك بالتعريف، ويكتب في الجانب الأيسر من ظاهر المكاتبة مقابل ما كتبه في الأولى ما صورته مطالعة المملوك الفلاني باسم المكتوب عنه ويكون لفظ المملوك تحت ذلك، وفلان تحته عن بعد ثلاثة أسطر، وتكون لطيفة القد غير ممشوقة على الضد من المكتوب إليه. وهذا مثال عنوان إلى نائب سلطنة بالشام لقبه سيف الدين عمن اسمه يلبغا: السيفي مطالعة المملوك مولانا ملك الأمراء بالشام المحروس عز نصره يلبغا وعلى ذلك يقاس سائر العنوانات من هذه المرتبة، والأصل في ذلك أن الحجاج بن يوسف كتب كتاباً إلى عبد الملك بن مروان، فكتب في عنوانه بقلم جليل: لعبد الله عبد الملك أمير المؤمنين، وفي الجانب الأيسر بقلم ضئيل: من الحجاج بن يوسف كما حكاه أبو جعفر النحاس في صناعة الكتاب فتبعه الناس على ذلك في تعظيم اسم المكتوب إليه، وتلطيف اسم المكتوب عنه، والعلامة في هذه المكاتبة المملوك فلان، باسم المكتوب عنه بقلم ضئيل بحاشية الكتاب سطرين: المملوك سكر والاسم سكر تحته على هذه الصورة: المملوك فلان ويكون ذلك مقابل يقبل ملاصقاً له بحيث تكون جرة الكاف من المملوك تحت الياء من يقبل، فكأنهم راعوا في ذلك صورة ما يكتب في القصص التي ترفع إلى أكابر لاستماحة الحوائج ونحوها من حيث إنها يكتب فيها المملوك فلان يقبل الأرض وينهي كيت وكيت لما ظهر من إظهار الخضوع والتواضع.
المرتبة الثانية: أن يأتي بعد يقبل الأرض بذكر الدعاء دون الثناء مع تقارب الأسطر أيضاً واجتناب السجع:
وقد اصطلحوا في هذه المكاتبة على أن تقارب تحت البسملة مع لقب المكتوب عنه الذي هو الملكي الفلاني ونحوه لقب المكتوب إليه، كالسيفي ونحوه، على سمت الملكي الفلاني من الجهة اليمنى مع بياض بينهما، بحيث يقع بعض اللقب في حاشية الكتاب، وبعضه تحت أول البسملة على هذه الصورة: بسم الله الرحمن الرحيم
السيفي الملكي الظاهري، ثم يأتي بصورة المكاتبة بعد ذلك، ويختلف الحال في هذه المكاتبة باختلاف حال المكتوب إليه، فإن كان نائب سلطنة كتب يقبل الأرض وينهي بعد رفع الأدعية الصالحة، أو بعد ابتهاله إلى الله تعالى بالأدعية الصالحة، تقبلها الله تعالى من المملوك ومن كل داع مخلص، ببقاء مولانا ملك الأمراء، أو بدوام أيام مولانا ملك الأمراء، وخلود سعادته، ومزيد تأييده، وعلو درجاته في الدنيا والآخرة، بمحمد وآله: أن الأمر كيت وكيت، والمملوك يسأل الصدقات العميمة أو الصدقات الكريمة، أعز الله تعالى أنصارها بروز الأمراء المطاعة بكيت وكيت. ثم يقول المملوك مملوك مولانا ملك الأمراء وعبد بابه ونشء إحسانه، ويسأل تشريفه بمراسيمه وخدمه، أو المملوك يستعرض المراسيم الكريمة، والخدم العالية، ليبادر إلى امتثالها، والفوز بقضائها، أو والمملوك مملوك الأبواب العالية ونشؤها وغلامها، ويسأل دوام النظر الكريم عليه في أحواله كلها، ونحو ذلك، مما تقضيه الحال، وقد جهز المملوك بهذه المكاتبة فلاناً أو مملوكه فلاناً. فإن كان قد حمله كلام مشافهة، قال: وحمله من المشافهة ما يسأل الصدقة عليه بسماعه والإصغاء إليه ونحو ذلك. ثم يقول: طالع بذلك والرأي العالي أعلاه الله تعالى أعلى. وإن كان المكتوب إليه أميراً غير نائب سلطنة، كتب بدوام أيام مولانا المخدوم، بدل مولانا ملك الأمراء. وإن كان قاضياً كتب ببقاء مولانا قاضي القضاة، أو بدوام أيام مولانا قاضي القضاة. وإن كان من المشايخ الصوفية، كتب ببقاء مولانا شيخ الشيوخ ونحو ذلك، وباقي المكاتبة على ما تقدم بحسب ما تقتضيه الحال. والعنوان في هذه المكاتبة الأبواب الفلانية، مطالعة المملوك فلان ويعبر عن ذلك بالأبواب بمطالعة، ويختلف الحال في ذلك باختلاف حال المكتوب إليه، فإن كان المكتوب إليه صاحب سلطنة، كتب: البواب الكريمة، العالية، المولوية، الأميرية، الكبيرية، المالكية، المخدومية، الكافلية، بلقبه الخاص كالسيفية ونحوها، أعلاها الله تعالى فلان الفلاني، باسمه وشهرته. وإن كان المكتوب إليه أميراً غير نائب سلطنة أسقط منه الكافلية، وإن كان وزيراً رب سيف، كتب بعد الأميرية الوزيرية، وإن كان وزيراً رب قلم، أسقط الأميرية وكتب قبل الفلانية الصاحبية، وإن كان من رؤساء الكتاب ممن في معنى الوزراء، ككاتب السر، وناظر الخاص، وناظر الجيش، ونحوهم، أبدل لفظ الأميرية والوزيرية بالقاضوية. وإن كان قاضي حكم، أتى مع القاضوية قبل الفلانية بالحاكمية، وإن كان من المشايخ الصوفية أبدل القاضوية بالشيخية ونحو ذلك.
وصورته أن يكتب الألقاب من أول عرض الدرج سطراً إلى آخر المالكية، ويخلى بياضاً في آخر السطر بقدر ربع الدرج، ثم يكتب المخدومية الفلانية في أول السطر الثاني ملاصقاً للأول، ثم يخلي بياضاً يسيراً، ثم يكتب أعلاها الله تعالى، ثم يخلي بياضاً يسيراً، ثم يكتب فلان الفلاني، تحت آخر السطر الأول، ثم يكتب في آخر الدرج من الجهة اليسرى بعد خلو بياض مطالعة المملوك فلان، ثلاثة أسطر على ما تقدم في العنونة بالفلاني بمطالعة كما في هذه الصورة: الأبواب الكريمة، العالية، المولوية، الأميرية، الكبيرية، المالكية، مطالعة المخدومية، اليسفية، أعلاها الله تعالى أمر دوادر الظاهري المملوك فلان، والعلامة المملوك فلان بقلم ضئيل مسامت يقبل كما في المكاتبة قبلها.
قال في التثقيف: وبهذه المكاتبة يكتب عن أكابر أمراء الديار المصرية إلى نائب الشام وحلب فيما أظن.
قال: وكذلك كان يكتب المقر العلائي بن فضل الله كاتب السر الشريف إلى المشار إليه، يعني نائب حلب، إلا أنه كان يكتب له العلامة أسفل الكتاب دون أعلاه. قلت: وعلى هذا يكون للعلامة في هذه المكاتبة رتبتان، إن عظمه كتب له العلامة على سمت يقبل، وإلا في أسفل الكتاب، ومن ثم ذكرت قول صاحب التثقيف هنا وإن محله رتب المكاتبين على ما سيأتي ذكره في موضعه إن شاء الله تعالى.
المرتبة الثالثة: أن لا يكتب في أول المكاتبة عن يمين أسفل البسملة الفلاني ويأتي بذكر الدعاء والثناء مسجوعاً، مثل أن يكتب البسملة ولقب المكتوب عنه الذي هو الملكي الفلاني يقبل الأرض وينهي بعد رفع دعائه، وإخلاصه في محبته وولائه، واعترافه بإحسان مولانا وجزيل آلائه، أن الأمر كيت وكيت، والمملوك يسأل إحسان مولانا أو صدقات مولانا، أو إحسان المخدوم، أو صدقاته في كيت وكيت، ثم يقول: والمملوك فهو مملوك مولانا ومحبه، والداعي لإحسانه ويسأل تشريفه بمراسيمه وخدمه، وقد جهز المملوك بهذه العبودية فلاناً، أو مملوكه فلاناً، وحمله على الدعاء والولاء ما يبهيه من لسانه، ويعرب عنه ببيانه، أو وقد حمل المملوك ما يقوم عنه بعد إنهائه، من رصف الأدعية، ووصف الأثنية، والمملوك يسأل الإصغاء إليه، والتشريف بالمراسيم العالية والخدم الكريمة، ليفوز بإقبالها، ويبادر إلى امتثالها، طالع بذلك، أو أنهى ذلك، أو المملوك يستعرض المراسيم العالية، والخدم الكريمة المتوالية، ليتشرف بقضائها، ويتشوف إلى إمضائها.
صدر آخر: وينهي بعد رفع الأدعية، وبث المحامد والأثنية، والموالاة التي يحمل منها عالي الأولوية، أن الأمر كيت.
آخر: وينهي بعد رفع دعائه الذي لا يفتر لسانه عن رفعه، ولا يخفى إن شاء الله أبان نفعه، وابتهاله الذي يرفع السحب، وشوقه الذي يهدي النجب، أن الأمر كيت وكيت.
آخر: وينهي بعد دعائه المقبول، وشوقه الذي لا يحول عنه ولا يزول، ولا سلامه الذي يعجز عن شرحه القلم ويضعف عن حمله الرسول.
آخر: وينهي بعد دعاء يرفعه بالغدو والآصال، وولاء لا يتغير ما دامت الأيام والليال، وثناء أطيب من عرف الروض إذا مر عليه نسيم الشمال، أن الأمر كيت وكيت.
آخر: وينهي بعد رفع الدعاء، ونصب لواء الولاء، وجر ذيول الفخر بالانتساب إلى عبودية مولانا والاعتزاء، أن الأمر كيت وكيت.
آخر: وينهي بعد دعائه المرفوع، وثنائه الذي هو كالمسك يضوع، وشكره الذي يسمع منه أطيب مسموع، أن الأمر كذا وكذا.
والعنوان لهذه المكاتبة الأبواب الفلانية بغير مطالعة، ويختلف الحال فيه، فإن كان المكتوب إليه من أرباب السيوف وهو نائب سلطنة، كتب الأبواب، الكريمة، العالية، المولوية، الأميرية، الكبيرية، السيدية، المالكية، المخدومية، الكافلية، الفلانية، أعلاها الله تعالى، ثم يقال: نائب السلطنة الشريفة المحروسة، أو كافل المملكة الفلانية المحروسة، وباقي عنوانات أرباب الوظائف، من أرباب السيوف والأقلام على ما تقدم في العنونة بالأبواب بمطالعة. وصورة وضعه أن يكتب الأبواب الكريمة إلى آخر الكافلية مثلاً سطراً واجداً من أول عرض الدرج إلى آخره، ثم يكتب الفلانية أعلاها الله تعالى في أول السطر ملاصقاً له، ثم يترك بياضاً قدر رأس إبهام، ثم يكتب في آخر السطر الثاني كافل الممالك الشريفة الفلانية المحروسة كما في الصورة: الأبواب الكريمة، العالية، المولوية، الأميرية، الكبيرية، السيدية، المالكية، المخدومية، الكافلية، السيفية، أعلاها الله تعالى. كافل الممالك الشريفة بالشام المحروسة.
والعلامة في ذيل الكتاب مقابل تحت البسملة بقلم الرقاع المملوك فلان وكأنهم لما انحطت رتبة المكتوب إليه عن أن تكتب العلامة إليه على سمت يقبل ليكون في معنى القصة كما تقدم، أخذ المكتوب عنه في التنازل إلى آخر المكاتبة تواضعاً للمكتوب إليه وتأدباً معه.
قال في التثقيف: وبذلك كان يكتب عن الأمير يلبغا العمري، يعني الخاصكي وهو أتابك العساكر المنصورة بالديار المصرية إلى نائبي الشام وحلب. قال: وكذلك كتب بعده إلى المذكورين: الأمير منكلي بغا، والأمير الجاي، ونواب السلطنة بالديار المصرية.
المرتبة الرابعة: أن يأتي بصدر المكاتبة على ما تقدم في المكاتبة قبلها من الابتداء بيقبل الأرض وينهي بعد رفع وما معناه على ما تقدم من غير فرق ولا يختلف الحال في الصدر ولا في متن الكتاب، والعنوان الكريم ولا يكون إلا بغير مطالعة. فإن كان المكتوب إليه من أرباب السيوف، كتب الباب الكريم، العالي، المولوي، الأميري، الكبيري، العالمي، العادلي، المؤيدي، المالكي، المخدومي، الفلاني، أعلاه الله تعالى، فلان الفلاني، باسم المكتوب إليه. وإن كان من أرباب الأقلام أو غيرهم فعلى ما تقدم في الأبواب بمطالعة من إبدال الأميري بالقضائي، أو الشيخي، وزيادة قاضي الحكم الحاكمي قبل الفلاني.
وصورة وضعه: الباب الكريم بالألقاب المتقدمة إلى آخر المالكي سطراً واحداً من أول الدرج إلى آخره، ثم يكتب المخدومي الفلاني، أعلاه الله تعالى في أول السطر الثاني، ويترك بياضاً، ثم يكتب فلان الفلاني باسم المكتوب إليه أو شهرته كما في هذه الصورة: الباب الكريم العالي، المولوي الأميري، الكبيري، العالمي، العادلي، المؤيدي، المالكي، المخدومي، السيفي، أعلاه الله تعالى. بهادر أمير أخوار الأشرفي تنبيه كل ما كان العنوان فيه الباب الكريم، كان العنوان فيه للمسافر المخيم بدل الباب، وباقي الألقاب على حالها كما نبه عليه بالتثقيف وغيره، والعلامة في آخر المكاتبة مقابل حسبي الله، إذ لما كانت العلامة في أسفل الكتاب مقابل تحت الحسبلة كانت العلامة فيما فوق ذلك أنزل في رتبة المكتوب إليه وأعلى في رتبة المكتوب عنه.
المرتبة الخامسة: يقبل الأرض بالمقر الشريف. والرسم فيه أن يترك بعد البسملة وما تحتها من الملكي الفلاني قر سطر أو سطرين بياضاً، ثم يكتب يقبل الأرض بالمقر الشريف، ويختلف الحال فيه، فإن كان المكتوب إليه من أرباب السيوف، كتب: يقبل الأرض بالمقر الشريف، العالي، المولوي، الأميري، الكبيري، العالمي، العادلي، المؤيدي، الذخيري، الظهيري المسندي، الزعيمي، المالكي، المخدومي، الفلاني، أعز الله أنصاره وأعلى مناره، وضاعف مباره، وينهي بعد وصف محبته، وبث أثنيته، كيت وكيت، والمسؤول من إحسانه كيت وكيت، وربما كتب: والمملوك يسأل كيت وكيت، كما في المكاتبات السابقة، أو والمملوك يسأل تشريفه بمراسمه وخدمه، والله تعالى يديم عليه سوابغ نعمه.
دعاء آخر لهذه المكاتبة: أعز الله تعالى أنصاره، وأدام انتصاره، وجعل على غايات النجوم اقتصاره، وينهي.
آخر: لا زالت الرقاب لمهابته خاضعة، والركاب به فوق النجوم واضعة، وأجنحة السيوف من ماء الأعداء راضعة، وينهي.
آخر: لا زالت أعلامه مشرقة، وأقلامه مصرفة، وأيامه بطيب ثنائه بين الخافقين معرفة.
وآخر: لا زالت الدنيا ببقائه مجملة، والعلياء لارتقائه مؤملة، والنعم على اختلافها جواهر مكملة، وينهي.
قلت: ربما أتي بصورة الإنهاء مسجوعة أيضاً، مثل أن يكتب: وينهي بعد تعبده بولائه، وقيامه بحقوق آلائه. أو وينهي بعد دعاء يقوم بوظائفه، وولاء يتردى بمطارفه، أو وينهي بعد رفع أدعيته، وقطع العمر في موالاته وعبوديته، ونحو ذلك، وعلى ذلك جرى في عرف التعريف إلا أن الغالب في كتابة أهل الزمان إهماله. العنوان إن قصد تعظيمه: الباب العالي، بألقاب الباب الكريم في المكاتبة قبلها، إلا أنه يحذف منها الكريم، وإن لم يقصد تعظيمه، فالمقر الشريف بالألقاب التي في صدر الكتاب. وصورة وضعه في الباب العالي على ما تقدم في الباب الكريم: أن يأتي به في سطرين كاملين من أول عرض الدرج إلى آخره، كما في الصورة: المقر الشريف، العالي، المولوي، الأميري، الكبيري، العالمي، العادلي، المؤيدي، الذخري، الظهيري، المسندي، الزعيمي، المالكي، المخدومي، السيفي، أعز الله تعالى أنصاره. أمير حاجب بالشام المحروس.
والعلامة في هذه المكاتبة المملوك فلان بقلم الرقاع، بأسافل الكتاب، مقابل إن شاء الله تعالى.
واعلم أن هذه المراتب الخمس هي الدائرة في المكاتبات بين كتاب زماننا بمملكة الديار المصرية وما جرى على نهجها، والمعنى في ترتيبها على هذا الترتيب أنه في المرتبة الأولى، منها حذف الدعاء والثناء المقتضيان للدالة من المكتوب عنه على المكتوب إليه، واقتصر على اليسير من الكلام دون الكثير الذي فيه سآمة المكتوب إليه وإضجاره، عند قراءة الكتاب، وعنونت بالفلاني كالسيفي ونحوه، من حيث إنه لقب مؤيد إلى رفعة، وأتي فيه بمطالعة المملوك فلان، إشارة إلى التصريح بالرق والعبودية من المكتوب عنه للمكتوب إليه مع إقامته في مقام الرفعة بذكر لقبه المؤدي إلى رفعة قدره، وفي المرتبة الثانية أتي فيها بالفلاني داخل المكاتبة دون العنوان فكانت أنزل مما قبلها، من حيث إن العنوان ظاهر وباطن المكاتبة خفي والظاهر المؤدي إلى الرفعة أعلى من الخفي من ذلك، وأتي بالدعاء فكانت أنزل رتبة من التي قبلها لما تقدم من أن الدعاء فيه معنى الدالة، واجتنب فيه السجع من حيث إن في الإتيان به تفاصحاً على المكتوب إليه، وعنوان بالأبواب إشارة إلى شرف محل المكتوب إليه من حيث الإشعار بأن له أبواباً يوقف عليها، وجعلت دون المرتبة الثانية من حيث إن العنونة في المرتبة الأولى باللقب المؤدي إلى الرفعة مع دلالته على الذات. وفي الثانية عنون بالأبواب الموصلة على محل الشخص، ولا يخفى أن ما دل على نفس الشخص أعلى مما هو موصل إلى محله، وأتي فيها بمطالعة المملوك فلان إشارة إلى التصريح للمكتوب إليه بالرق والعبودية كما تقدم في المرتبة الأولى. وفي المرتبة الثالثة حذف منها الفلاني المؤدي إلى الرفعة من داخل المكاتبة فكانت أنزل من التي قبلها فأتي فيها بذلك، وأتي بالدعاء مسجوعاً فكان أنزل مما قبله لما في السجع من التفاصح على المكتوب عليه، وأسقط من عنوانه مطالعة المملوك فلان فكان أنزل من حيث إنه لم يقع فيه تصريح برق وعبودية كما في المرتبة الأولى والثانية، وفي المرتبة الرابعة بقي الصدر على حاله وعنون فيها بالباب بلفظ الإفراد، فكانت أنزل مما قبلها، من حيث إن الإفراد دون الجمع بدليل أنه بعض من أبعاضه. وفي المرتبة الخامسة قيل: يقبل الأرض بالمقر، يعني مقر المكتوب إليه، فكانت أنزل مما قبلها من حيث إشهار ذلك بالقرب من محله بخلاف يقبل مطلق الأرض، فإنه لا ينحصر في ذلك، ثم إن عنونت بالباب العالي مجرداً عن الكريم، كانت أنزل مما عنون فيه بالكريم لما جرى عليه الاصطلاح من رفعة رتبة الكريم العالي على العالي المجرد عن الكريم، على ما تقدم في الكلام على الألقاب في المقالة الثالثة، وإن عنونت بالمقر الشريف فهي على انحطاط الرتبة عما قبلها من حيث إشعاره بقرب المحل من المكتوب إليه. على أن عنونة هذه المكاتبات بالمقر الشريف نظراً فإن أعلى المراتب الابتداء في المكاتبة بالدعاء هي الدعاء للمقر الشريف، وهو بعد تقبيل الباسط والباسطة واليد على ما سيأتي ذكره في الدرجة الثالثة فيما بعد إن شاء الله تعالى.
فربما التبس عنوان هذه بعنوان تلك قبل فضها، والوقوف على صدرها هل هو مفتتح بيقبل الأرض بالمقر أو بالدعاء للمقر، إلا أن كتاب الزمان قد رفضوا المكاتبة بالدعاء للمقر الشريف واقتصروا على الدعاء للمقر الكريم، إذ كان هو أعلى ما يكتب به السلطان لأكابر أمراء المملكة على ما تقدم ذكره في الكلام على مكاتبات السلطان إلى أهل المملكة في المقالة الرابعة.
قلت: وفي الدساتير المؤلفة في الإخوانيات في الدولة التركية من الزمن السبق ما يخالف بعض هذا الترتيب، فجعل التعريف أعلى المراتب يقبل الأرض وينهي كيت وكيت، والعنوان الفلاني بمطالعة، على ما تقدم ذكره في الترتيب السابق. ودونه: الصدر بعينه، والعنوان الأبواب بمطالعة. ودونه: كذلك والعنوان الأبواب بغير مطالعة. ودونه: يقبل الأرض بالمقر الشريف، والعنوان إما بالباب العالي أو المقر الشريف.
وفي دستور يعزى لبعض بني الأثير أن أعلى المراتب يقبل الأرض وينهي كيت وكيت، على ما تقدم، يقبل الأرض ويدعو مثل يقبل الأرض وينهي بعد رفع دعائه الذي لا يفتر لسانه عن رفعه، ولا يخفى إن شاء الله إبان نفعه. ودونه: يقبل الأرض ويدعو لها، مثل: يقبل الأرض حماها الله تعالى من غير الزمان، واكتنفها بالأمان، من صروف الحدثان، ولا زالت محط وفود الجدا، وكعبة قصاد الندا، وينهي كيت وكيت. ودونه: يقبل الأرض ويصفها، مثل أن يكتب: يقبل الأرض التي هي ملجأ العفاه، وملثم الشفاه، ومحل الكرم الذي لا يخيب من اقتفاه، ومقصد الراجي الذي إذا عول عليه كفاه، وينهي كيت وكيت. ودونه: يقبل الأرض ويدعو لها، مثل أن يكتب: يقبل الأرض لا زالت محروسة الرحاب، هأمية السحاب، فسيحة الجناب، لمن أناب، وينهي كيت وكيت.
وجرى في التثقيف: على الترتيب المتقدم في المرتبة الأولى والثانية والثالثة والرابعة على ما تقدم في المراتب الخمس السابقة، وجعل المرتبة الخامسة يقبل الأرض مع وصفها على ما تقدم في الدستور المنسوب لبعض بني الأثير مع العنونة بالباب العالي، وجعل يقبل الأرض بالمقر الشريف، مرتبة سادسة مع العنونة بالباب العالي أو المقر الشريف.
وفي غير هذه الدساتير ما يخالف بعض ذلك في الترتيب والتقديم والتأخير، وفي بعض الدساتير بعد تقبيل الأرض تقبيل العتبات، مثل أن يكتب: يقبل العتبات الكريمة، لا برحت مطلع السعود، ومنبع الجود، ومهيعاً للمقام المحمود. أو يقبل العتبات الكريمة، لا زالت الأفلاكك تتمنى أها بها تحف، وأنها لنجومها إليها بحوض الوالدين تزف. أو: يقبل العتبات الكريمة، لا زالت الآمال بها مطيفة، والسعود لها حليفة، وسعادتها لاستخدم كل ذي إلمام مضيفة.
ولا يخفى أن بعض هذه الاختيارات غير محكم الأساس، ولا موضوع على أصل يقتضي صحة الترتيب فيه، بل الكثير من ذلك راجع إلى التشهي، كلما تقدم متقدم في دولة من الدول أحب أن يؤثر مخالفة غيره، ويجعل له شيئاً يحدثه لينسب إليه ولا يبالي وافق في ذلك غرضاً صحيحاً أم لا، وقل من يصيب الغرض في ذلك.
على ما تقدم بعض هذه المراتب على بعض في العلو والهبوط إنما هو من جهة استحسانه، لو تكلف المتكلف تأخير ما تقدم فيها أو تقديم ما أخر، لأمكنه ذلك.
الدرجة الثانية: المكاتبة بتقبيل اليد وقد رتبوا ذلك على ثلاث مراتب: المرنبة الأولى: يقبل الباسط الشريف، وهي الأعلى بالنسبة إلى المكتوب إليه والرسم فيها أن يترك الكاتب تحت الملكي الفلاني، بعد البسملة قدر سطرين بياضاً كما في المسألة قبلها ويختلف الحال في ذلك، فإن كان المكتوب إليه من أرباب السيوف كتب: يقبل الباسط الشريف العالي المولوي، الأميري الكبيري، العالمي، العادلي، المؤيدي، السيدي، المالكي، المخدومي، المحسني الفلاني، لا زالت ساحته مقبلة وسماحته مؤملة وينهي بعد وصف خدمه، وثبوت قيامه فيها على قدمه، إن الأمر كيت وكيت، والمسؤول من إحسانه كيت وكيت، والله تعالى يحرسه بمنه وكرمه.
دعاء آخر: يليق بهذه المكاتبة يقال بعد تكملة الألقاب لا زالت نعمه باسطة، وأيامه لعقود الأيام واسطة، وينهي كيت وكيت.
آخر: لا زال جناح كرمه مبسوطاً وجانب حرمه من المخاوف محوطاً، وينهي كيت وكيت.
آخر: لا زال يصرف الأعنة والأسنة، ويقلد أعناق أعدائه كل أجل وأعناق أوادئه كل منة وينهي.
آخر: لا زالت حمائل السيوف تتسابق إلى بنانه وأعقاب الرماح تأوي إلى أنامله، ليمكنها من قلوب أعداء الله يوم طعانه، ومتون الخيل متحصنة بعزائمه فيقوى جنانها بجنانه.
آخر: لا زالت رحى حروبه على أعدائه تدار وأسنة رماحه تنادي الأعداء البدار البدار، وجنوده تقاتل سفرة الوجوه إذا قاتل الأعداء في قرى محصنة أو من وراء جدار.
آخر: لا زالت أعلام النصر معقودة بأعلامه وجواري اليم السعيد معدودة من خدمه، وسطور البأس والكرم مثبتة إما بأقلام الخط من رماحه وإما برماح الخط من أقلامه.
آخر: لا زالت الأعنة والأسنة طوع يمينه وشماله، والآمال والأحوال تحت ظلال كرمه وكرم ظلاله، والسيوف والأقلام هذه جارية بعوائد بأسه، وهذه جارية بعوائد نواله.
آخر: ولا زالت وجوه النصر تتراءى في مرآة صفاحه، وثمار النصر تجتنى من أغصان رماحه، ولا برح السيف والقلم يتباريان في ضر الأعداء ببأسه ونفع الأولياء بسماحه، وإن كان المكتوب إليه وزيراً رب سيف، كتب بعد الأميري الوزيري. وإن كان وزيراً رب قلم، كتب قبل فلان أيضاً الصاحبي. وإن كان من أعيان الكتاب: ككاتب السر وناظر الخاص وناظر الجيش وناظر الدولة وكتاب الدست ونحوهم، كتب بدل الأميري القضائي ثم يكتب للجميع بعد الوزيري أو القضائي، العالمي، العادلي، الممهدي، المشيدي، المالكي، المخزومي، المحسني، الفلاني، أسبغ الله تعالى ظلاله ومدها، وشيد به مباني الملك وشدها، ووهب الأيام منه هبة لا يستطيع الليالي ردها، وينهي كيت وكيت.
دعاء آخر: يليق بهذه المكاتبة يقال بعد تكملة الألقاب، ولا زالت أقلامه تروع الأسد في آجامها، وتزيد على الغيوث في انسجامها، وتعلم الرماح الإقدام إذا نكصت لإحجامها، وينهي.
آخر: ولا زالت الدول مشيدة بتصرفه، مجددة لتشريفه، مؤيدة بين صرير القلم وصريفه.
آخر: ولا زالت أقلامه تهزأ بالغيوث الهأمية، وأنعامه تفوق على البحار الطأمية، وموارد إحسانه تأوي إليها الوفود الظأمية.
آخر: وأدام الله القصد لبابه، ونزول الآمال برحابه، وصعودها إلى سحابه.
آخر: لا زال فسيحاً للمقاصد جنابه، مجرباً للمناجح بابه، صريحاً في ابتغاء خير الدنيا والآخرة طلابه، وإن كان من القضاة الحكام، كتب: يقبل الباسط الشريف، العالي، المولوي، القضائي، العالمي، الإمامي، والعلامي، السيدي، المالكي، المخدومي، المحسني، الحاكمي، الفلاني، أعز الله تعالى أحكامه، وجمل به الدهر وحكامه، وثبت به الأمر وزاد إحكامه، وينهي كيت وكيت.
دعاء آخر يناسبه: يقال بعد تكملة الألقاب: أعز الله تعالى أحكامه وأنفذها، وتدارك به الأمة وأنقذها، وأسعف به الملة الإسلامية وأسعدها، وينهي.
آخر: نضر الله الدين بنوره، وسقى الغمام باقي سوره، وحمى حمى الشرع الشريف بما ضرب عليه من سوره.
آخر: وجمل الدهر بمناقبه، وزين سماء العلم بكواكبه، ولا زال الزمان يقول لمنصب الشرع الشريف بشخصه ورأيه، عز يدوم وإقبال لصاحبه.
آخر: وأمضى بيده سيوف الشرع التي هي أقلامه، وأعلى طروس العدل والحق فإنها أعلامه، ولا زالت يد القصد مشيرة إليه، ولا ينعقد إلا على ثنائه خنصر ولا ينجلي إلا بهداه إبهامه.
آخر: وسدد سهام الحق بأقضيته، وشيد أركان الشرع بأبنيته، وأيد الإسلام بأقلام سجلاته القائمة للنصر مقام ألويته وإن كان المكتوب إليه من مشايخ الصوفية، كتب: يقبل الباسط الشريف، العالي، المولوي، الشيخي، الإمامي، العالمي، العاملي، الخاشعي، الناسكي، السيدي، المالكي، المخدومي، المحسني، الفلاني، لا أزال يقاتل بسلاحه، ويقابل فساد الدهر بصلاحه، ويجلو دجى الظلماء بصباحه، وينهي.
آخر: ونفع بركاته في الروحات والغدوات، وجمل ببقائه المحافل والموات، وبسط في صالح الدول يده، إما في مباشرته بصالح التدبير وإما في انقطاعه بصالح الدعوات.
والعنوان في هذه المكاتبة الباسط الشريف بالألقاب التي في صدر المكاتبة على السواء، والدعاء له بأول سجعة من دعاء الصدر ونحوها، بحسب حال المكتوب إليه، مثل أن يكتب لمن هو من أرباب السيوف، أعز الله تعالى نصره، أو عزه بنصره. ولمن هو من رؤساء الكتاب: أسبغ الله ظلاله. ولمن هو قاضي حكم: أعز الله أحكامه. ولمن هو من المشايخ الصوفية: أعاد الله من بركاته.
وصورة وضعه في الورق أن تكتب الألقاب والدعاء والتعريف في سطرين كاملين من أول الورق إلى آخره، إلا أنه يفصل بين الألقاب والدعاء ببياض لطيف والتعريف ببياض لطيف كما في الصورة: الباسط الشريف، العالي، المولوي، الأميري، الكبيري، العالمي، العادلي، المؤيدي، السيدي، المالكي، المخدومي، المحسني، الفلاني أعز الله أنصاره أمير حاجب بحلب المحروسة.
وقد ذكر في عرف التعريف: أنه إن قصد تعظيمه، عنونه بالمقر الشريف بالألقاب المتقدمة على السواء، ولا تخفى صورة وضعه بعدما تقدم، والعلامة المملوك فلان، بقلم الرقاع إن شاء الله كالمكاتبة بالمقر الشريف المتقدمة.
المرتبة الثانية: يقبل الباسطة الشريفة والرسم أن يترك تحت الملكي الفلاني قدر سطرين بياضاً كما في المكاتبة قبلها، ثم يكتب يقبل الباسطة الشريفة بالتأنيث، ويجري الحال في ذلك كما في الباسط، فإن كان المكتوب إليه من أرباب السيوف، يكتب: يقبل الباسطة الشريفة، العالية، المولوية، الأميرية، الكبيرية، العالمية، العادلية، المؤيدية، الذخيرية، المالكية، المحسنية، الفلانية، لا زالت سحائبها مستهلة، ومواهبها للبحار مستقلة، وينهي كيت وكيت، والمستمد من محبته كيت وكيت، وربما قيل والمسؤول، والله تعالى يؤيده بمنه وكرمه.
دعاء آخر يليق بذلك: لا زالت سيولها تملأ الرحاب وسيوفها تسرع السل إلى الرقاب.
آخر: لا زالت خناصر الحمد على الفضل بنانها معقودة، ومآثر البأس والكرم لها ومنها شاهدة ومشهودة، وبواتر السيوف مسيرة القصد إلى مناصرة أقلامها المنضودة.
آخر: ضاعف الله تعالى مواد نعمها، وجواد كرمها، واتصال الآمال بمساقط ديمها.
آخر: لا زالت الآمال لائذة بكرمها، عائذة بحرمها، مسنتجدة على جدب الأيام بسقي ديمها.
آخر: ولا زالت لرسوم الكرم مقيمة، ولصنائع المعروف مديمة، ولأيدي الإحسان متابعة إذا قصرت عن البروق ديمة، وإن كان المكتوب إليه من رؤوس الكتاب كتب بدل الأميري القضائي، والباقي على ما تقدم، ثم يدعى له بما يناسبه.
دعاء يناسب ذلك: لا زالت السيوف خاضعة لأقلامها، والنجوم خاشعة لكلامها، والجبال متواضعة لإعلاء أعلامها آخر: لا زالت موالاتها فريضة، وأجنحة أعدائها مهيضة، ومقل الأسنة إذا خاصمتها أقلامها غضيضة.
آخر: أسبغ الله ظلها، وهنأ بها أمة قرب مبعث زمانها وأظلها، وهدى الآمال وقد حيرها الحرمان وأضلها.
آخر: لا زال قلمها مفتاح الرزق لطالبه، والجاه لكاسبه، والنصر لمستنيب كتبها عن كتائبه.
آخر: لا زال رفدها المطلوب، وسعدها المكتوب، وقلمها المخاطب في مصالح الدول والمخطوب.
آخر: بسط الله ظلها ولا قلصها، وزادها من فضله ولا نقصها، ولا جرع كبد حاسدها الظأمية إلا غصصها.
آخر: ولا زال عميق إنعامها، قديماً وحديثاً ديمها وإكرامها، قاضية بسعدها النجوم التي في خدامها.
آخر: لا زالت بسيطاً ظلها، مديداً فضلها، سريعاً إلى داعي الندى والردى قلمها في المهمات ونصلها، وإن كان من قضاة الحكم زاد مع القاضوي قبل الفلاني الحاكمي، ودعا بما يناسب.
دعاء: أعز الله شأنها وأذل من شانها، وأغص بأدمع أعدائها الضريحة شانها.
دعاء آخر يليق بذلك: ولا زالت الآمال إليها وافدة، والصلات عائدة، ومعاني الفضل عن أخبار معنها زائدة.
آخر: لا زالت خناصر الحمد معقودة على فضل بنانها، وفصل بيانها، وعوائد الفضل والكرم شاهدة بالحسنين من فضلها وامتنانها. وإن كان من مشايخ الصوفية أبدل القضائية بالشيخية وأسقط العادلية والحاكمية ودعا نحو قوله: ومتع الإسلام ببقيته الصالحة، وبيض صحائف أعماله التي لأيدي الملائكة الكرام مصافحة.
آخر: لا أخلى الله من بركاته خلواته، وأعاد من نوامي دعواته، وسوامي درجاته وتوجهاته، ونحو ذلك.
والعنوان الألقاب التي في صدر المكاتبة، والدعاء بالسجعة الأولى من الدعاء باطنه أو نحوها. وصورة وضعه أن تكتب الألقاب والدعاء والتعريف في سطرين كما تقدم في الباسط كما في هذه الصورة: الباسطة، الشريفة، العالية، المولوية، الأميرية، الكبيرية، العالمية، العادلية، الذخرية، السندية، الكاملية، المحسنية، أعز الله تعالى أنصارها أمير حاجب بحماة المحروسة.
والعلامة المملوك فلان بقلم الرقاع في أول الوصل الثالث على القرب من اللصاق.
المرتبة الثالثة: يقبل اليد الشريفة بألقاب الباسطة المتقدمة، ثم اليد الكريمة، ثم اليد العالية مع حذف الكريمة رتبة بعد رتبة، والألقاب بحالها ويدعى له، ثم يقال والمستمد من محبته كيت وكيت، والله تعالى المؤيد، والحال في اختلاف بعض ألقابها بالنسبة إلى أرباب السيوف وغيرهم على ما تقدم في الباسطة.
وهذه الأدعية لأرباب السيوف في هذه المكاتبة دعاء من ذلك: يقال بعد استكمال الألقاب: لا زالت مقبلة البنان، مؤملة الإحسان، مفضلة على أنواء السحب بطل لسان، وينهي.
آخر: لا زالت ترد بالسيف صدور الكتائب، وترد الظمأة منها موارد السحائب، وتحدث عن البحر وكم من بحر من العجائب.
آخر: لا زالت بربها مأمونة، وبذبها ممنونة، وأيامها تصبح الأعداء بأسنتها الرزق المسنونة.
آخر: لا أخلى الله ودها، ولا قطع وظائف حمدها، ولا قضى مغيبها إلا جعل لها ذكرى بعدها.
آخر: لا زالت مصالحها تظفر بالمنى، وتحصل على الغنى، وتطلق لسانه بعاطر الثنا.
آخر: لا زالت لتقليد المنن سابقة في الجود العذل، مقسمة في مكارم التكريم، باطنها للندى وظاهرها للقبل.
وهذه أدعية تناسب أرباب الأقلام. يقال بعد استيفاء الألقاب: لا زالت مستهلة بالندا، مستقلة بكبت العادا، مطلة على بعد ما بينهما من المدى.
آخر: لا برحت مفاخرها مفصلة، ومحبتها في الخواطر ممثلة، والكواكب تود لو فارقت فلكها وأصبحت لديها مسبلة. آخر: لا برحت مفاخرها لصحائف الإحسان مسطرة، ولقلوب الأعداء مفطرة، ولصنائع المعروف إذا أمسكت الأنواء ممطرة. آخر: أعلى الله تعالى شانها، وضاعف إحسانها.
والعنوان: اليد الشريفة، أو اليد الكريمة، أو اليد العالية، بالألقاب التي في صدر الكتاب من غير زيادة ولا نقص، والدعاء بأول سجعة من المدعو به في صدر الكتاب أو نحوها، والتعريف بعد ذلك.
وصورة وضعه في الكتابة أن يكتب سطران على ما تقدم في الباسط والباسطة كما في هذه الصورة: اليد الشريفة، العالية، المولوية، الأميرية، الكبيرية، العالمية، العادلية، الذخيرية، المالكية، المحسنية، الفلانية، أعلى الله تعالى شأنها. نائبة ملطية المحروسة.
والعلامة المملوك فلان بقلم التوقيعات، في آخر الوصل الثاني من الكتاب، على القرب من موضع لصاقه.
واعلم أنه ربما وصف التقبيل في هذه المراتب بعد الدعاء بالأوصاف الدالة على زيادة التأدب ورفعة قدر المكتوب إليه، وعلى ذلك جرى في عرف التعريف. وقد يستعمله بعض كتاب الزمان، وذلك مثل أن يقول في تقبيل الباسط بعد استعمال الدعاء: تقبيلاً يحوم على مناهله، ويحلق نسر السماء على منازله، أو يقول: تقبيل محب أخلص ولاءه، ومحص الصدق وفاءه، أو تقبيلاً يواليه، وينظم لآليه، أو تقبيلاً يواصل به الخدم، ويود لو سعى لأدائه على الرأس إن لم تسعف القدم، أو تقبيلاً لا يروى الكرم إلا عنه، ولا يستفاد المكارم إلا منه، أو تقبيل وارد على ذلك الزلال، رائد في ذلك الروض الممتد الظلال، أو تقبيل مسارع إليها، مزاحم عليها.
وربما أتى في الإنهاء بما يلائم المقام، مثل أن يقول: وينهي بعد وصف خدمه، وتمنيه لو وقف في صف خدمه، وما أشبه ذلك. قلت: وفي بعض الدساتير بعد تقبيل اليد العالية، يقبل يد الجانب الكريم، العالي، الأميري، الكبيري، العالمي، المؤيدي، النصيري، الزعيمي، الفلاني، وبعد ذلك: يخدم الجانب الكريم بنحو هذه الألقاب. وفي التثقيف: يقبل يد الجانب العالي، ويخدم الجانب العالي، بدون الكريم، ثم يقال بعد ذلك ويبدي لعلمه كيت وكيت، والقصد من محبته كيت وكيت، فيحيط علماً بذلك. وبعض الكتاب يستعمل ذلك إلى الآن، وهو ذهول، إذ سيأتي في أول الدرجة الثالثة أن أعلى المراتب المفتتحة بالدعاء الدعاء للمقر الشريف على المصطلح الأول، وللمقر الكريم على ما استقر عليه الحال الآن، وإذا كان كذلك فكيف يتأتى أن تكون مراتب الجناب الكريم أو الجناب العالي قبل المقر الشريف أو المقر الكريم.
الدرجة الثالثة: المكاتبة بالدعاء:
وقد رتبوا بالدعاء على ثلاث مراتب:
المرتبة الأولى: الدعاء للمقر، والرسم فيه أن يترك بعد الملكي الفلاني وقد عرض ثلاثة أصابع بياضاً، ثم يؤتى بصدر المكاتبة على سمت البسملة.
ويختلف الحال في ذلك، فإن كان المكتوب إليه من أرباب السيوف، كتب: أعز الله تعالى أنصار المقر الكريم، العالي، الأميري، الكبيري، العالمي، العادلي، العوني، النصيري، الفلاني. ثم يدعى له بما يناسب نحو: ولا زالت جيوشه جائلة، وجنوده بين الأعداء وبين مطالبها حائلة، وأولياؤه على صهوات خيله لديه قائلة، أصدرناها إلى المقر الكريم، تهدي إليه من السلام أطيبه، ومن الثناء أطنبه، وتبدي لعلمه الكريم أن الأمر كيت وكيت، والقصد من اهتمامه كيت وكيت، فيحيط علمه بذلك، والله تعالى يؤيده بمنه وكرمه.
وهذه أدعية تناسب ذلك: دعاء يليق بذلك: يقال بعد تكملة الألقاب: وأيد عزائمه ونصرها، وأعلى أعلامه ونشرها، ودقق في مقاتل الأعداء حيث تزور الأسنة نظرها، وينهي.
آخر: لا برحت الآمال بكرمه تعترف، وبوارق صوارمه لأبصار الأعداء تختطف.
آخر: وأعلى قدره، وأنفذ أمره، أصدرناها.
وإن كان من رؤساء الكتاب، كتب: بسط الله ظل المقر، أو أسبغ الله ظلال المقر الكريم، العالي، القضائي، الكبيري، العالمي، العادلي، المؤيدي، السيدي، السندي، المالكي، المخدومي، المحسني، الفلاني، وباقي الكتابة كما في أرباب السيوف.
وهذه أدعية تناسب ذلك: دعاء يليق به: ولا زالت الأمور إليه مفوضة، ومضارب العز إليه عنه مقوضة، وصحائف الحسنات بتسويده على أثناء الدهر مبيضة، وأصدرناها.
آخر: وصرف لسان قلمه، وشرفه مكان قدمه، وعرف من كان يناويه أنه أصبح لا يعد من خدمه.
قلت: وقد ذكر في عرف التعاريف أن القضاة والحكام لا مدخل لهم في المكاتبة بالمقر، وعلى ذلك جرى في المشايخ الصوفية، على أنه قد كوتب بذلك، وقد رأيت المكاتبة بذلك في بعض الدساتير، وحينئذ فيكتب: أعز الله تعالى أحكام المقر العالي، القضائي الكبيري، العالمي، العلامي، الإمامي، المالكي، المحسني، الحاكمي، الفلاني، ويدعى له بما يناسب، مثل: وجدد له إقبالاً، وبلغه من الدارين آمالاً، ونحو ذلك، والباقي على نحو ما تقدم.
وهذه الأدعية تناسب ذلك: لا برحت الشريعة محوطة بأقلامه، مضبوطة بأحكامه، منوطة بما يشيد كبانيها من أحكامه، مؤرخة أيام سعودها بأيامه.
آخر: حرس الله بأحكامه سرح المدى، ولا برحت فتاويه بها يقتدى، ويظهر على المناوين والمبتدعين من تجريدها مهنداً مهنداً. آخر: لا برحت أنوار فتاويه لامعة، وسيوف أقلامها بها قاطعة، وحدودها إلى موارد أحكام الشريعة المحمدية شارعة.
والعنوان لهذه المكاتبة المقر الكريم بنظير ما في الصدر، والدعاء بأول سجعة في الصدر من الدعاء.
وصورة وضعه في الورق أن يكتب في سطرين الألقاب والدعاء والتعريف كما في الصورة: المقر الكريم، العالي، الأميري، الكبيري، العالمي، العادلي، العوني، النصيري، الفلاني، أعز الله تعالى أنصاره فلان الفلاني.
المرتبة الثانية: الدعاء للجناب، وهو على ثلاث طبقات: الطبقة الأولى: أعز الله تعالى نصر الجانب الكريم، والرسم فيه أن يترك تحت الملكي الناصري عرض ثلاثة أصابع بياضاً كما في المسألة قبلها. ثم إن كان المكتوب إليه أرباب السيوف، كتب: أعز الله تعالى نصرة الجناب الكريم، العالي، الأميري، الكبيري، العالمي، العادلي، العوني، الذخري، العضدي، الفلاني، ويدعى له، نحو: وأعلى قدره، وأنفذ أمره، صدرت هذه المكاتبة إلى الجناب الكريم، تهتدي إليه سلاماً رائقاً، وثناء عابقاً، وتوضح لعلمه الكريم كيت وكيت، والقصد من اهتمامه كيت وكيت، فيحيط علمه بذلك، والله تعالى يحرسه بمنه وكرمه.
وهذه الأدعية تناسب ذلك: دعاء منه: ولا زالت عزائمه تعير السيوف المضاء، وتعلم السهام النفوذ في القضاء.
آخر: ولا زال جنابه مرتعاً، وسحابه مربعاً، ورعبه لا يدع من القلوب الأعداء موضعاً.
آخر: ولا زالت عزائمه تباري السيوف، وتشق الصفوف، وتجاري إلى مقاتل الأعداء الحتوف، صدرت.
وإن كان من الكتاب، كتب: أدام الله تعالى جلال الجناب الكريم، العالي، القضائي، الكبيري، الصدري، الرئيسي، العوني، الغياثي، الملاذي، الفلاني، ويدعى له بما يناسبه، والباقي من نسبة أرباب السيوف.
دعاء يناسبه: وحرس سماءه التي تغنى عن المصابيح، ونعماءه التي هي للنعم مفاتيح.
آخر: وبلغه أشرف الرتب، وملأ به القلوب الأعداء غاية الرهب، وشكر ندى قلمه الذي لم يدع للغمام إلا فضل ما وهب، صدرت.
وإن كان قاضياً، كتب: أعز الله تعالى أحكام الجناب الكريم العالي، القضائي، الإمامي، العالمي، العلامي، الأوحدي، الفلاني. ويدعو له: نحو: ونور بعلمه البصائر، وسر بحكمه السرائر، وجعل فيض يمه مما لا تودع درره إلا في الضمائر. والباقي من نسبة ما تقدم.
وإن كان من مشايخ الصوفية، كتب: أعاد الله تعالى من بركات الجناب الكريم، العالي، الشيخي، الإمامي، العالمي، العاملي، الورعي، الزاهدي، الفلاني. ويدعى له، نحو: ولا زال يقاتل بسلاحه، ويقابل فساد الدهر بصلاحه، وتجلى دجى الظلماء بصباحه. صدرت هذه المكاتبة إلى الجناب الكريم تهدي إليه سلاماً يزدان بعرض بخدمته، ويزداد نضرة بنظرته. والعنوان لكل منهم بألقاب الصدر، والدعاء بأول سجعة من دعائه أو نحو ذلك.
وصورة وضعه أن يكتب في سطرين ألقابه ودعائه وتعريفه كما ورد في هذه الصورة.
الجناب الكريم، العالي، الأميري، الكبيري، العالمي، العادلي، النصيري، الفلاني، أعز الله تعالى نصره، فلان الفلاني.
والعلامة المملوك فلان بقلم الثلث مقابل السطر الثاني كما في المكاتبة التي قبلها.
الطبقة الثانية، من المرتبة الثانية: ضاعف الله تعالى نعمة الجناب العالي، والرسم فيه أن يترك تحت الملكي الفلاني قدر أربعة أصابع بياضاً، ثم يختلف الحال في ذلك، فإن كان المكتوب إليه من أرباب السيوف، كتب: ضاعف الله تعالى نعمة الجناب العالي، الأميري، الكبيري، العالمي، العادلي، المؤيدي، العوني، النصيري، الذخري، الفلاني. ثم يدعى له، نحو: ونصره في جلاده، وأيده في مواقف جهاده. صدرت هذه المكاتبة إلى الجناب العالي تهدي إليه سلاماً يشوق، وثناء يروق، وتوضح لعلمه كيت وكيت، فالجناب العالي، يتقدم بكيت وكيت، فيحيط علمه بذلك، والله تعالى يؤيده ومنه وكرمه.
دعاء آخر يناسب هذه المكاتبة: يقال بعد استيفاء الألقاب: ولا زال عزمه مؤيداً، وعزه مؤبداً، واجتهاده وجهاده، هذا يسر الأولياء وهذا يسوء العدا. صدرت هذه المكاتبة إلى الجناب العالي تخصه بالسلام، والثناء الوافر الأقسام، وتوضح لعلمه كيت وكيت.
آخر: ولا زالت آراؤه كواكب يهتدى بلوامعها، وتقرأ سورة النصر في جوامعها، وتسير كالسحب فترمي الأعداء بصواعقها وتأتي الأولياء بهوامعها.
وإن كان م الكتاب، كتب: ضاعف الله تعالى نعمة الجناب العالي، القضائي، الكبيري، الصدري، الرئيسي، القوامي، النظامي، الفلاني. ثم يدعى له نحو: ولا زال يرجى لكل جليل، ويؤمل لكل جميل، ويؤهل لكل منتهى تقصر دونه أصابع النيل. صدرت هذه المكاتبة، والباقي على ما تقدم في أرباب السيوف.
وإن كان من القضاة، كتب: ضاعف الله تعالى نعمة الجناب العالي، القضائي، العالمي، الفاضلي، الأوحدي، الصدري، الرئيسي، الفلاني. ويدعى له نحو: ودفع عنه الأباطيل، وأرشد بهداه من الأضاليل.
وإن كان من مشايخ الصوفية، كتب: أعاد الله تعالى من بركة الجناب العالي، الشيخي، الإمامي، العالمي، الكاملي، الورعي، الزاهدي. ويدعى له نحو: ولا زال تكشف به اللأواء، وتطب به الأدواء. صدرت هذه المكاتبة إلى الجناب العالي تهدي إليه سلاماً، وتفض عن مثل المسك ختاماً، وتوضح لعلمه.
دعاء آخر: نفع الله بدعواته التي لا حاجب لها عن الإجابة، ولا عارض يمنعها عن الإصابة، وأمتع ببركاته التي هي أمن للناس ومثابة. صدرت.
والعنوان: الألقاب التي في صدر المكاتبة. والدعاء: ضاعف الله تعالى نعمته، ثم التعريف.
وصورة وضعه في الورق أن يكتب في السطرين ألقابه ودعاءه وتعريفه كما ورد في هذه الصورة: الجناب العالي، الأميري، الكبيري، العالمي، العادلي، المؤيدي، العوني، النصيري، الذخيري، الفلاني. ضاعف الله تعالى نعمته، فلان الفلاني.
والعلامة المملوك فلان بقلم الثلث الثقيل مقابل السطر الأول من المكاتبة.
الطبقة الثالثة: أدام الله تعالى نعمة الجناب العالي وما في معنى ذلك. والرسم فيه أن يترك تحت الملكي الفلاني بحيث يبقى من الوصل الذي فيه البسملة ما يسع سطرين فقط ثم يختلف الحال فيه، فإن كان المكتوب إليه من أرباب السيوف، كتب: أدام الله تعالى نعمة الجناب العالي، الأميري، الكبيري، العالمي، المجاهدي، المؤيدي، العوني، النصيري، الذخيري، الفلاني. ويدعى له نحو: وأيد عزمه وأظهره، وكبت عدوه وقهره، صدرت هذه المكاتبة إلى الجناب العالي تهدي إليه السلام طيباً، وثناء مطنباً، وتوضح لعلمه كيت وكيت، فالجناب العالي يتقدم بكيت وكيت، فيحيط علمه بذلك، والله يؤيده بمنه وكرمه.
دعاء آخر يناسبه: وموه بجهاده كل سنان، ونبه بجلاده جفن كل سيف وسنان، صدرت هذه المكاتبة تحييه بسلام يطيب، وثناء يهتز غصنه الرطيب، وتوضح لعلمه.
وإن كان من الكتاب، كتب: أدام الله تعالى نعمة الجناب العالي القضائي. والألقاب من نسبة ما تقدم في: ضاعف الله تعالى نعمة الجناب العالي. والدعاء، نحو: ولا زال قلمه لأبواب الأرزاق فاتحاً، ونجم رفده لأنواء الفضل مانحاً صدرت.
وإن كان من القضاة، كتب: أدام الله تعالى نعمة الجناب العالي، والألقاب من نسبة ما تقدم في ضاعف الله نعمة الجناب العالي. والدعاء، نحو: ولا أخلى الله أفق الفضل من موكبه، ولا مجال الجدال من مركبه. صدرت.
وإن كان من مشايخ الصوفية، كتب: أدام الله تعالى نعمة الجناب العالي الشيخي. وبقية الألقاب من نسبة ما تقدم مع ضاعف الله تعالى نعمة الجناب. والدعاء، نحو: نفع الله ببركات خلوته التي كم انجلت عن الرشاد، وبان في مرآتها نور الهدى للعباد، وأنارت إنارة الشمس لا إنارة الزناد.
والعنوان بنظير الألقاب التي في صدر المكاتبة، أدام الله تعالى نعمته.
وصورة وضعه في الورق أن يكتب في سطرين الألقاب والدعاء والتعريف كما في الصورة: الجناب العالي، الأميري، الكبيري، العالمي، المجاهدي، المؤيدي، العوني، النصيري، الذخيري، الفلاني، أدام الله نعمته، فلان الفلاني.
والعلامة المملوك فلان تحت البسملة مختصر الطومار.
المرتبة الثالثة: الدعاء للمجلس، ويختص بالمجلس العالي، والبياض فيه تحت الملكي الفلاني بحيث يبقى من الوصل قدر سطرين كما تقدم في الجناب العالي. ويختلف الحال فيه، فإن كان من أرباب السيوف، كتب: أدام الله تعالى نعمة المجلس العالي، الأميري، الكبيري، العالمي، المجاهدي، المؤيدي، الذخري، العوني، الفلاني. ويدعى له نحو: وأيد عزمه، ووفر من الخيرات قسمه. صدرت هذه المكاتبة إلى المجلس العالي تهدي إليه سلاماً، وتوفر له من الخير أقساماً، وتوضح لعلمه المبارك كيت زكيت، فالمجلس يتقدم بكيت وكيت، فيحيط بذلك علماً. والله تعالى يؤيده بمنه وكرمه.
وهذه أدعية تليق بهذه المكاتبة: دعاء من ذلك: ولا زال شكور الاهتمام، موصوف المحاسن وصف البدر التمام، معروفاً بجميل الأثر مثل ما تعرف مواقع الغمام. صدرت هذه المكاتبة إلى المجلس العالي تهدي إليه السلام، وتسدد لرأيه الصائب سهاماً، وتوضح لعلمه الكريم.
آخر: ولا زال سيفاً يدفع بحده، ويجري ماء النصر من فرنده، ويتنوع به الظفر فيقتل بتجريده ويخاف وهو في غمده. وإن كان من الكتاب، كتب: أدام الله نعمة المجلس العالي، القضائي، الأجلي، الكبيري، الرئيسي، الماجدي، الأوحدي، الأثيري، الفلاني. ويدعى له، نحو: وسدد رأيه ووفقه، وصدق فيه الظن وحققه، وجمع له شمل السعادة ثم لا فرقه، صدرت هذه المكاتبة إلى المجلس العالي تشكر مساعيه، واهتمامه الذي بان طرف النجم وهو يراعيه، وتوضح لعلمه الكريم.
آخر: ولا نزع عنه ثوب السعادة، ولا غير منه جميل العادة، ولا عرف سوى بابه الذي لو كان له الحق في جبهة الأسد لاستعده، صدرت هذه المكاتبة إلى المجلس العالي تهدي إليه السلام، والثناء الذي تنطق به ألسنة الأقلام، وتوضح لعلمه.
وإن كان من القضاة، كتب: أدام الله تعالى نعمة المجلس العالي، القضائي، الكبيري، العالمي، الفاضلي، الأوحدي، الفلاني، ويدعى به نحو: ولا برحت طلبته مفيدة المطالب، مورية الهدى في الغياهب، قائمة أقلام هدايتها في ليالي الحيرة مقام الكواكب.
آخر: ولا برحت الدنيا ممطورة بغمامه، محبورة بدخولها تحت ذمامه. وإن كان من مشايخ الصوفية، كتب: أدام الله تعالى بركة المجلس العالي، الشيخي، الإمامي، العالمي، العاملي، العابدي، الورعي، الزاهدي، الأوحدي، الفلاني. ويدعى له نحو: ولا زال نوره يسعى بين يديه، ويدعى باسمه إليه.
آخر: أعاد الله من بركاته على الراعي والرعية، وجعل خلوته خلوات كل نفس راضية مرضية، والباقي على ما تقدم. والعنوان الألقاب التي في الصدر، والدعاء: أدام الله تعالى نعمته. ثم التعريف.
وصورة وضعه في الورق أن تكتب ألقابه والدعاء والتعريف كما في هذه الصورة: المجلس العالي، الأميري، الكبيري، العالمي، المجاهدي، المؤيدي، الذخيري، العوني، الفلاني، أدام الله تعالى نعمته فلان الفلاني.
والعلامة المملوك فلان بقلم مختصر الطومار تحت الملكي الفلاني، على ما تقدم في المكاتبة قبلها.
واعلم أن ترتيب هذه الدرجة على هذه المراتب: من الدعاء بأعز الله تعالى أنصار المقام الكريم، ثم أعز الله تعالى نصرة الجناب الكريم، ثم ضاعف الله تعالى نعمة الجناب الكريم، ثم أدام الله تعالى نصرة الجناب العالي، ثم أدام الله تعالى نعمة المجلس العالي، هو المستقر عليه الحال بين كتاب الزمان بالديار المصرية، وجعل في عرف التعريف أعلى المراتب في الدعاء: أعز الله تعالى أنصار المقر الكريم، ثم أعز الله تعالى نصرة المقر الكريم، ثم أعز الله تعالى نصر المقام الكريم، ثم أدام الله نصرة الجناب الكريم، ثم أعز الله تعالى المقر الكريم، ثم ضاعف الله تعالى نعمة الجناب العالي، مع اختصار الألقاب وحذف بعضها، ثم أدام الله نعمة المجلس العالي، وعلى كثير من ذلك كان الحال جارياً إلى آخر الدولة الأشرفية، شعبان بن حسين، ثم أخذ الناس في التغيير إلى أن صار الأمر على ما هو عيه الآن.
قلت: وكانوا في الزمن السلف في الدولة الناصرية محمد بن قلاوون وما والاها لا بأتون مع المقر الشريف، المقر الكريم، المقر العالي، والجناب الشريف، بأصدرنا ولا بصدرت هذه المكاتبة كما هو الآن، بل الدعاء يقولون مع أعز الله تعالى أنصار المقر الشريف: المملوك يقبل الباسطة، ثم يأتي بالإنهاء بعد ذلك مثل أن يقول: المملوك يقبل الباسطة الكريمة التي هي معدن السماح، وموطن ما يوهن العدا من صدور الصفاح، وينهي. أو يقول يقبل الباسطة الكريمة، ويرتع منها في كل ديمة، وينهي. أو المملوك يقبل اليد الشريفة ويلجأ إلى ظلالها الوريفة، وينهي. ومع الجناب الشريف لفظ المملوك يخدم. ثم يقول: ويبدي مثل أن يكتب: المملوك يخدم بأثنيته التي تزيد الطيب طيباً، وتسري سرى السحب فلا تدع في الأرض جريباً، ويبدي لعلمه الكريم، وربما أعاض ذلك بقوله: صدرت هذه الخدمة، مثل أن يقول: صدرت هذه الخدمة وسلامها يتضوع، وثناؤها السافر لا يتبرقع.
الدرجة الرابعة: الابتداء بصيغ مخترعة من صدور مكاتبات الأدعية.
اعلم أن صدور المكاتبات المفتتحة بالأدعية يقال فيها بعد الدعاء المعطوف: ومن أجل أصدرناها أو صدرت هذه المكاتبة، ثم يقال: وتبدي لعلمه أو وتوضح لعلمه. ومن أجل ذلك جعلت هذه الدرجة دون درجة الافتتاح بالدعاء، لأن هذه فرع من فروع تلك، وحينئذ فيكون الصدر مشتملاً بعد الدعاء على ثلاثة أشياء: أحدهما: افتتاح صدور المكاتبة بقوله: أصدرناها أو صدرت.
والثاني: الإشارة إلى المكاتبة بقوله: هذه المكاتبة.
والثالث: الإعلام بما صدرت بسببه المكاتبة، فانتظم من ذلك ثلاث مراتب: المرتبة الأولى: الافتتاح بصدور المكاتبة، وفيها طبقتان: الطبقة الأولى: صدرت والعالي، وهي أن تفتتح المكاتبة بأن يقال: صدرت هذه المكاتبة إلى المجلس العالي. ويختلف الحال فيها. فإن كان المكتوب من أرباب السيوف، كتب: صدرت هذه المكاتبة إلى المجلس العالي، الأميري، الكبيري، المجاهدي، المؤيدي، الذخري، الأوحدي، الفلاني. ويدعى له: أدام الله تعالى نعمته، ووفر من الخير قسمته، تتضمن إعلامه كيت وكيت، فالمجلس العلاي يتقدم بكيت وكيت، فيعلم ذلك ويعتمده والله الموفق.
وإن كان من الكتاب، كتب: صدرت هذه المكاتبة إلى المجلس العالي، القضائي الكبيري، الرئيسي، الماجدي، الأثيري، الأوحدي، الفلاني. ويدعى له نحو: حرس الله مجده، وأنجح قصده، والباقي على ما تقدم.
وإن كان من القضاة، كتب: صدرت هذه المكاتبة إلى المجلس العالي، القضائي، الأجلي، الصدري، الفقهي، الكاملي، الفاضلي، الفلاني، ويدعى له نحو: ايد الله أحكامه، ووفر من الخير أقسامه، والباقي على ما تقدم.
وإن كان من مشايخ الصوفية: كتب: صدرت هذه المكاتبة إلى المجلس العالي، الشيخي، الإمامي، العالمي، العاملي، الزاهدي، العابدي، الورعي، الأوحدي. ويدعى له نحو: أعاد الله من بركته، ونفع المسلمين بصالح أدعيته، والباقي على ما تقدم. والعنوان بالألقاب التي في الصدر وأول من الدعاء فيه. وتكون الألقاب والدعاء والتعريف في سطرين كما في الصورة: المجلس العالي، الأميري، الكبيري، المجاهدي، المؤيدي، الذخري، الأوحدي، الفلاني، أدام الله رفعته، فلان الفلاني.
والعلامة المملوك فلان تحت الملكي الفلاني، بقلم مختصر الطومار الثقيل، وربما جعل بعضهم العلامة أخوه.
الطبقة الثانية: صدرت والسامي، وهي أن تفتتح المكاتبة بأن يقال: صدرت هذه المكاتبة إلى المجلس السامي، والبياض فيها تحت الملكي الفلاني، كما صدرت في المكاتبة التي قبلها، بحيث لا يبقى من الوصل إلا ما يسع سطرين فقط على ما تقدم.
ثم أن المكتوب إليه من أرباب السيوف، كتب: صدرت هذه المكاتبة إلى المجلس السامي، الأميرين المجاهدي، العضدي، الذخيري، الأوحدي، الفلاني، ويدعى له نحو: أدام الله سعده، وأنجح قصده. ثم يقال: تتضمن إعلامه كيت وكيت، فالمجلس السامي يتقدم بكيت وكيت، فيعلم ذلك ويعتمده ويبادر إليه، والله الموفق.
وإن كان من الكتاب، كتب: صدرت هذه المكاتبة إلى المجلس السامي القضائي، الأجلي، الكبيري، الزيني، الماجدي، الأثيري، الأوحدي، الفلاني. ويدعى له نحو: ضاعف الله تعالى إقباله، أو أدام الله سعادته، وبلغه إرادته، والباقي على ما تقدم.
وإن كان من القضاة، كتب: صدرت هذه المكاتبة إلى المجلس السامي، القضائي، الصدري، الفقيهي، الإمامي، العالمي، الفاضلي، الكاملي، الأوحدي، فلان الدين. والباقي من نسبة ما تقدم.
وإن كان من مشايخ الصوفية، كتب: صدرت هذه المكاتبة إلى المجلس السامي، الشيخي، العالمي، الورعي، الزاهدي، الأوحدي، الفلاني، ويدعى له نحو: لا أخلاه الله من أنسه، ولا أبعده من حضرة قدسه. والباقي على نحو ما تقدم. والعنوان الألقاب التي في صدر المكاتبة بالسجعة الأولى مما فيه من الدعاء والتعريف.
وصورة وضعه في الورق أن يكتب في سطرين كما في الصورة: المجلس السامي، الأميري، الكبيري، المجاهدي، العضدي، الذخيري، الأوحدي، الفلاني. أدام الله سعده، فلان الفلاني.
والعلامة أخوه فلان تحت الملكي الفلاني، بقلم مختصر الطومار الثقيل.
المرتبة الثانية: الافتتاح بالإشارة إلى المكاتبة، وهي أن يكتب: هذه المكاتبة إلى المجلس السامي بغير ياء في ألقابه، ويعبر عنه السامي بغير ياء، والبياض فيها تحت الملكي الفلاني متسع أيضاً، بحيث لا يبقى من الوصل إلا ما يسع سطرين فقط.
وإن كان المكتوب إليه من أرباب السيوف، كتب: هذه المكاتبة إلى المجلس السامي، الأمير، الأجل، الكبير، المجاهد، المؤيد، الأوحد، الذخر، فلان الدين، ويدعى له نحو: أدام الله إقباله وبلغه آماله، أو أنجح الله قصده، وأعذب ورده، تعلمه كيت وكيت، فالمجلس يتقدم بكيت وكيت، فيعلم ذلك ويعتمده ويبادر إليه، والله الموفق.
وإن كان من الكتاب كتب: هذه المكاتبة إلى المجلس السامي، القاضي، الأجل، الكبير، الصدر، الرئيس، الأوحد، ويدعى له نحو: أدام الله سعادته، وبلغه من الخير إرادته، تعلمه كيت وكيت. والباقي على ما تقدم.
وإن كان من القضاة، كتب: هذه المكاتبة إلى المجلس السامي، القاضي، الأجل، الكبير، العالم، الفاضل، الكامل، الأوحد، فلان الدين، والباقي من نسبة ما تقدم.
وإن كان من مشايخ الصوفية، كتب: هذه المكاتبة إلى المجلس السامي الشيخ، الصالح، الورع، الزاهد، فلان الدين، نفع الله تعالى ببركته، ولا أخلى مجالس الذكر من محاسن سمته وسمته. والباقي من نسبة ما تقدم.
والعنوان: الألقاب التي في صدر الكتاب، وأول سجعة من الدعاء الذي فيه وتعريقه، ويكون في سطرين كما في هذه الصورة: المجلس السامي، الأمير، الأجل، الكبير، المجاهد، المؤيد، الأوحد، الذخر، فلان الدين. أدام الله إقباله فلان الفلاني.
المرتبة الثالثة: الافتتاح بالإعلام بالقصد، وهو أن يكتب: يعلم فلان، وقد تقدم في الكلام على مقدمة المكاتبات من هذه المقالة أن الصواب فيها ليعلم بإثبات لام الأمر في أوله، فحذف كتاب الزمان منها اللام اللازم إثباتها وأجروها مجرى الخبر. والرسم فيه أن يترك تحت الملكي الفلاني بياضاً، بحيث لا يبقى من الوصل إلا ما يسع سطرين كما في المكاتبة فبلها وما قبل ذلك.
ثم إن كان المكتوب له من أرباب السيوف، كتب: يعلم الأمير، الأجل، الكبير، المؤيد، الذخر، المرتضى، المختار، فلان الدين، ويدعى له نحو: أدام الله عزه، ووفر من الخير كنزه، كيت وكيت، فمجلس الأمير يتقدم بكيت وكيت، فيعلم ذلك ويعتمده ويبادر إليه، والله الموفق بمنه وكرمه.
وإن كان من الكتاب، كتب: يعلم مجلس القاضي، الأجل، الكبير، العالم، الفاضل، الكامل، الأوحد، فلان الدين، كيت وكيت، والباقي من نسبة ما تقدم.
وإن كان من القضاة، كتب: يعلم مجلس القاضي، الأجل، الكبير، العالم، الفاضل، الكامل، الأوحد، فلان الدين، كيت وكيت، والباقي من نسبة ما تقدم.
وإن كان من المشايخ الصوفية، كتب: يعلم مجلس الشيخ، الصالح، الورع، الزاهد، الأوحد، فلان الدين، كيت وكيت، والباقي من نسبة ما تقدم.
والعنوان لهذه المكاتبة الألقاب التي في الصدر والدعاء بأول سجعة مما فيه من الدعاء والتعريف.
وصورة وضعه في الورق أن يكتب ذلك في سطرين كما في الصورة: المجلس الأميري، الأجل، الكبير، المؤيد، الذخر، المرتضى المختار، فلان الدين. أدام الله عزه فلان الفلاني.
والعلامة تحت البسملة الاسم بقلم مختصر الطومار الثقيل. قلت: ومما يجب التنبيه عليه أن الألقاب المذكورة في صدور المكاتبات وعنواناتها ليست موقوفاً عندها، بل لكل واحد فيه اختيار من تقديم وتأخير وتبديل لقب بلقب، وزيادة ونقص، إلا أن الزيادة والنقص يكونان على المقاربة، مثل زيادة لقب ولقبين وثلاثة، ونقصها. على أنهم في الزمن السابق كانوا يتعاطون في الإخوانيات الألقاب المركبة في الصدور والعنوانات فيما يبدأ فيه بالدعاء وما بعد ذلك إلى آخر المراتب كما هو في السلطانيات.
فإن كان من أرباب السيوف قيل مع الدعاء للمقر الشريف لأرباب السيوف بعد استيفاء الألقاب المفردة، عز الإسلام والمسلمين، سيد الأمراء في العالمين، زعيم الجيوش، مقدم العساكر، عون الأمة، غياث الملة، ممهد الدول، مشيد الممالك، ظهير الملوك والسلاطين، عضد أمير المؤمنين. ومع الدعاء للمقر الكريم: عز الإسلام والمسلمين، سيد الأمراء في العالمين، نصرة الغزاة والمجاهدين، زعيم الجيوش الموحدين، عماد الدولة، عون الأمة، ذخر الملة، ظهير الملوك والسلاطين، سيف أمير المؤمنين، وعلى ذلك إلى آخر كل مرتبة بحسبها.
وإن كان من رؤساء الكتاب، قيل: جلال الإسلام والمسلمين، سيد الكبراء في العالمي، رئيس الأصحاب، قوام الأمة، نظام الملة، مدبر الدولة، ذخر الممالك، ظهير الملوك والسلاطين، وكذلك إلى آخر المراتب كل مرتبة بحسبها، وكذلك القول في القضاة ومشايخ الصوفية كل أحد منهم بما يناسبه من الألقاب لوظيفته ورتبته. ثم اقتصروا بعد ذلك على استعمال اللقب المضاف إلى الملوك والسلاطين، مثل ظهير الملوك والسلاطين ونحو ذلك، فحذف كتاب الزمان هذه الألقاب المركبة جملة اختصاراً، وهو مستحسن، لما في ذلك من ميل النفوس إلى الاختصار ولتحالف المكاتبات الصادرة عن السلطان، فتكون مختصة بالألقاب المركبة دون غيرها.
القسم الثاني: من المكاتبات الإخوانيات الدائرة بين أعيان المملكة وأكابر أهل الدولة، الأجوبة، وهي على ضربين:
الضرب الأول: ما يفتتح من ذلك بما تفتتح به الابتداءات المتقدمة الذكر: والرسم فيها أن يكتب صدر الكتاب أن لو كان ابتداء، ثم يذكر ورود الكتاب المجاوب عنه، ويؤتى بالجواب عما تضمنه، وهو على أبع مراتب: المرتبة الأولى: وهي أعلاها في تعظيم الكتاب الوارد، أن يعبر عنه بالمثال، وذلك مع الابتداء بلفظ يقبل الأرض وينهي كيت وكيت، وصورته أن يقول بعد كمال الصدر: ورود المثال الكريم العالي أعلاه الله تعالى على المملوك على يد فلان، ويذكر ما يليق به من المجلس العالي أو المجلس السامي أو غيرهما، ثم يقول: فقبل المملوك لوروده الأرض، وأدى من واجبه الفرض، وتضاعف دعاء المملوك لتأهيله لغلمانه الأبواب الكريمة، وابتهج بوروده، وحمد الله وشكره على ما يدل عليه، من عافية مولانا ملك الأمراء أعز الله أنصاره، إن كان المثال قد ورد من نائب سلطنة أو من عافية مولانا قاضي القضاة، إن كان قاضياً، أو من عافية المخدوم وصحة مزاجه المحروس.
وقابل المملوك المراسيم الكريمة بالامتثال، ففهم ما رسم له به من كيت وكيت، والمملوك لم يكن عنده غفلة ولا إهمال فيما رسم له به. وإن كان ثم فصول كثيرة، قال: فأما ما رسم له به من كيت وكيت فقد امتثله المملوك، ويجاوب عنه. ثم يقول: وأما ما رسم له به من كيت وكيت، فالأمر فيه كيت وكيت، حتى يأتي على آخر الفصول، فإذا انتهى إلى آخرها، قال: وسؤاله من الصدقات العميمة، إمداده بمراسيمه الكريمة وخدمه، ليفوز بقضائها، ويبادر إلى امتثالها، والمملوك مملوكه وعبد بابه الشريف.
المرتبة الثانية: أن يعبر عن الكتاب الوارد بالمثال العالي بدون، الكريم، وذلك مع الابتداء بلفظ يقبل الأرض وينهي بعد ابتهاله إلى الله تعالى، والابتداء بيقبل الأرض بعد رفع دعائه، ويقبل الأرض، بالمقر الشريف، ويقبل الباسط الشريف. فأما مع يقبل الأرض بعد ابتهاله، فالأمر على ما تقدم في جواب المكاتبة قبلها، إلا أنه يقتصر على المثال العالي دون الكريم كما تقدمت الإشارة إليه، وأما مع تقبل الأرض بعد رفع دعائه، فإنه يقول بعد تكملة الصدر: ورد المثال العالي أعلاه الله تعالى على يد فلان، فقبله حين قابله، ووقف على ما تضمنه من كيت وكيت، وفرح بما يدل عليه من عافية المخدوم، وحمد الله تعالى وشكره على ذلك، فهم ما أشار إليه من كيت وكيت، ويجاوب عنه، ثم ويقول: والمملوك يسأل إحسان المخدوم بتشريف المملوك بمهماته ومراسيمه ليفوز بقضائها، فإن المملوك وقف المالك، طالع بذلك، والله تعالى يؤيده بمنه وكرمه، أو نحو ذلك. وأما مع يقبل الأرض بالمقر الشريف، ويقبل الباسط الشريف، فإنه يقال ورود المثال العالي أيضاً، وربما قيل ورود مثاله العالي. وقد يقال المشرف الكريم العالي على ما تقتضيه رتبة المكتوب إليه، ويرتضيه المكتوب عنه، والباقي على نحو ما تقدم.
المرتبة الثالثة: أن يعبر عن الكتاب الوارد بالمشرفة، على التأنيث، وذلك مع يقبل الباسطة ويقبل اليد. ويختلف الحال في ذلك بحسب المراتب، فيقال: يقبل الباسطة وينهي ورود المشرفة الكريمة، ومع اليد الشرفة الكريمة، والعالية، وفي معنى ذلك يخدم إذا كتب بها، وكذلك أعز الله تعالى أنصار المقر الكريم، وإن كان المكتوب عنه يكنى عن نفسه بنون الجمع المقضية للتعظيم. ثم يقول في كل منها: فقبلها المملوك حين قابلها، ووقف على ما تضمنته من محبته ومودته، وفهم ما شرحه من أمر كيت وكيت، ويجاوب عنه، ثم يقول: والمستمد من محبته تشريف المملوك بمراسيمه ومشرفاته وخدمه، ليفوز بقضائها، ويبادر إلى امتثالها فإن المملوك ما عنده غفلة فيما يقضيه رأيه العالي، والله تعالى يؤيده بمنه وكرمه.
المرتبة الرابعة: أن يعبر عن الكتاب الوارد بالمكاتبة، وذلك مع الابتداء بالدعاء بلفظ: ضاعف الله نعمة الجناب العالي، وأدام الله تعالى نعمة المجلس العالي، وصدرت هذه المكاتبة إلى المجلس العالي، أو المجلس السامي، أو هذه المكاتبة إلى المجلس السامي، أو يعلم مجلس، فيقال: وتوضح لعلمه، أو موضحة لعلمه أو تتضمن إعلامه، أو تعليمه، أو يعلم على حسب المراتب المتقدمة، ورود مكاتبته، فوقفنا عليها، وأحطنا علماً بما تضمنته من كيت وكيت، ويجاوب عنه، ثم يقول: فيتقدم الجناب أو المجلس أو مجلس الأمير ونحو ذلك مما تقتضيه الحال، بإعلامنا بأخباره وضروراته وحوائجه.
واعلم أن لكتاب السر أجوبة لنواب السلطنة وغيرهم ممن ترد عليه مكاتباتهم بطلب الملاحظة عند عرض مكاتباتهم على الحضرة السلطانية، وتحسن السفارة في ذلك، ويقع الخطاب في جواب كل منهم على حسب رتبته.
ففي جواب نائب السلطان بالشام المحروس يكتب ما صورته: وينهي بعد رفع أدعيته الصالحة تقبلها الله تعالى من المملوك ومن كل داع مخلص، بدوام أيام مولانا ملك الأمراء، أعز الله تعالى أنصاره، وخلود سعادته عليه، وأن المثال الكريم ورد على المملوك على يد فلان، فنهض له المملوك، وأجمل من تلقيه السلوك، وفضه عن صدقات عميمة، وتفضلات جسيمة، وفرح بما دل عليه من سلامة مولانا ملك الأمراء أعز الله أنصاره وعافيته وصحة مزاجه المحروس، وتضاعف سرور المملوك بذلك، وتزايد ابتهاجه به، وسأل الله تعالى أن يديم حياة مولانا ملك الأمراء، أعز الله أنصاره، ويبقيه، وانتهى إلى ما تضمنته الإشارة في معنى تجهيز المشار إليه إلى خدمة الأبواب الشريفة بما على يده من المكاتبة الكريمة، وما رسم به من القيام في خدمتها وعرضها بين يدي المواقف الشريفة شرفها الله تعالى وعظمها، وقابل المملوك الإشارة الكريمة بالامتثال بالسمع والطاعة، وبار إلى ما رسم به، وقد عرض المملوك المكاتبة الكريمة على المسامع الشريفة، كتب الجواب الشريف عن ذلك بما سيحيط بع العلوم الكريمة، وعاد بذلك إلى خدمة مولانا ملك الأمراء أعز الله أنصاره. والمملوك مولانا ملك الأمراء عز نصره، ومحبه القديم، والمعترف بإحسانه وصدقاته، ويسأل تشريفه بالمهمات والخدم، أنهى ذلك، إن شاء الله تعالى.
الضرب الثاني: من الأجوبة ما يفتتح بورود المكاتبة مصدراً بلفظ: وردت أو وصلت أو وقفت على المكاتبة، وما أشبه ذلك.
مثل أن يكتب: ورد المثال الكريم الفلاني: وذكر سلامته أخلى من ذكر الأوائل، وقد تطرز منه طرازاً أشرف من طراز الغلائل، وما سكن القلب إلى شيء كسكونه إليه، ولا رأى وارداً أكرم منه عليه، فقابل نعمة قدومه بدوام شكرها، وطوى صحائف الآمال إلا من نشرها، فإن كان وجه الأيام مقطباً استغنى ببشر وجهه الميمون عن بشرها، فإن حسن في رأيه الإجراء على عوائد إحسانه من التشريف بمراسيمه وخدمه والمواصلة بها، نالت النفس من ورودها نهاية أربها.
قلت: أما الأجوبة المطلقة، وهي الدائرة بين الأصدقاء والأصحاب من أفاضل الكتاب، وعيون أهل الأدب، ممن له ملكة في الإنشاء، وقوة في النظم والنثر، فإنها لا تتوقف على ابتداء مخصوص، ابتداء لا جواباً، بل قد تكون مبتدأة بما تقدم من الابتداءات، وقد تكون بغير ذلك من الافتتاحات التي يختارها صاحب الرسالة، بل أكثرها مفتتح بالشعر المناسب للحال المكتوب فيها، بل ربما اقتصر فيها على الشعر خاصة دون النثر.
المهيع الثاني: في بيان رتب المكتوب عنهم والمكتوب إليهم، من أعيان الدولة بمملكة الديار المصرية، وما تستحقه كل منهم من رتب المكاتبات السابقة على ما الحال مستقر عليه في زماننا.
اعلم أن المكتوب عنهم من أعيان الدولة على طبقات، لكل منهم مكاتبات بصدر يختص به، إلى ما فوق رتبته أو مساو له في الرتبة أو دونه فيها، مرتبة على ترتيب المكاتبات الصادرة عن الأبواب السلطانية إلى أهل الدولة: الطبقة الأولى: من المكتوب عنهم من يكتب إليه عن السلطان أعز الله تعالى أنصار المقر الكريم ككافل السلطنة، وهو نائب السلطان بالحضرة، وأتابك العساكر، ونائب السلطنة الشام، والمكتوب إليهم عن هذه الطبقة على مراتب المرتبة الأولى: من يكتب له عن هذه الطبقة الفلاني بالمطالعة، وممن يكتب إليه بذلك عن نائب الشام في رأيه، أتابك العساكر بالأبواب الشريفة، وكان ما كتب له المخدومي الأتابكي فلان الفلاني، باللقب المضاف إلى لقب السلطان، أتابك العساكر المنصورة.
المرتبة الثانية: من يكتب إليه الأبواب بمطالعة ومن يكتب إليه بذلك عليه السلام النائب الكافل بالحضرة، والأتابك نائب السلطنة بالشام، فقد قال في التثقيف: إن بهذه المكاتبة يكتب أكابر أمراء الديار المصرية إلى نائب الشام وحلب فيما أظن، وممن يكتب إليه بذلك عن نائب الشام الداودار وأميراخور، ومقدمو الألوف بالديار المصرية، وأكابر الأمراء مقدمي الألوف بالشام، وكافل المملكة الشريفة الحلبية.
المرتبة الثالثة: من يكتب له عن هذه الطبقة الأبواب بغير مطالعة وبذلك يكتب عن كافل السلطنة بالحضرة إلى نائب السلطنة بحلب. وقد ذكر في التثقيف: أنه كان يكتب بذلك عن الأمير يلبغا العمري، يعني الخاصكي، وهو اتابك الديار المصرية، إلى نائب الشام أيضاً. ثم قال: وكذلك كتب بعده إلى نائبي الشام وحلب، الأمير منكلي بغا، والأمير الجاي، ونواب السلطنة بالديار المصرية، وبذلك يكتب عن النائب الشام إلى كل من قضاة القضاة الأربعة بالديار المصرية وكذلك الوزير وكاتب السر بها.
المرتبة الرابعة: من يكتب له عن هذه الطبقة الباب الكريم والباب العالي، أما الباب الكريم، فإنه يكتب بذلك عن النائب الكافل والأتابك. وبذلك يكتب عن نائب الشام إلى الأمراء الطبلخاناه بالديار المصرية، وإستادار الأملاك الشريفة، وناظر الجيوش المنصورة بالأبواب السلطانية، وناظر الخواص، وناظر الدولة، وحاجب الحجاب بالشام، وقاضي السلطنة بحماة، ونائب السلطان بصفد، ونائب السلطنة بالكرك.
المرتبة الخامسة: من يكتب إليه عن هذه الطبقة يقبل الأرض بالمقر الشريف، وبذلك يكتب النائب الكافل والأتابك، إلى نائب طرابلس، ونائب حماة، ونائب صفد، ونائب الإسكندرية، وأمراء الألوف بالديار المصرية، وبه يكتب عن نائب الشام.
المرتبة السادسة: من يكتب إليه عن هذه الطبقة الباسط الشريف وبذلك يكتب عن النائب الكافل والأتابك، إلى مقدم العسكر بغزة، ومقدم العسكر بسيس، ونائب السلطنة بالكرك، وحاجب الحجاب بالشام، وحاجب الحجاب بحلب.
المرتبة السابعة: من يكتب له عن هذه الطبقة الباسطة الشريفة وممن يكتب له بذلك عن نائب الشام قاضي القضاة الشافعي بحلب.
المرتبة الثامنة: من يكتب له عن هذه الطبقة اليد الشريفة أو اليد الكريمة، أو اليد العالية، وبذلك يكتب عن النائب الكافل والأتابك، إلى نائبي الوجه القبلي والوجه البحري بالديار المصرية، ونائب القدس، ونائب حمص، ونائب الرحبة، ونائب البيرة، ونائب قلعة المسلمين، ونائب ملطية ونائب دبركي، ونائب الأبلستين، ونائب طرسوس، ونائب أذنة، ونائب بهسنا، وأمراء الألوف بالشام وحلب. وبذلك يكتب أيضاً، عن نائب الشام إلى أمراء العشرات بالديار المصرية، وقضاة العسكر بها، وحاجب الحجاب بحلب، والقضاة الثلاثة: الحنفي، المالكي، والحنبلي، بها.
المرتبة التاسعة: من يكتب له عن هذه الطبقة أعز الله تعالى أنصار المقر الكريم. وبذلك يكتب عن نائب الشام إلى كاشف الصفقة القبلية، وغلى الأمراء مقدمي اللوف بالشام، وناظر الجيش به، وأمير آل الفضل، ونائب حمص، وكاتب السر بحلب، ونائب المملكة بها، ونائب دوركي، ونائب درندة.
المرتبة العاشرة: من يكتب له عن هذه الطبقة أعز الله تعالى نصرة المقر الكريم، وبذلك يكتب إلى نائب الشام إلى نائب قلعة الشام، والحاجب الثاني بها، ووكيل بيت المال بها، ومقدمي الألوف بحلب، ونائب الجيش بها، ونائب الرحبة، ونائب الأبلستين، ونائب ملطية، ونائب قلعة المسلمين، ونائب بهسنا، ونائب البيرة، ونائب جعبر، ونائب الرها، ونائب حسبان.
المرتبة الحادية عشرة: من يكتب له عن هذه الطبقة أعز الله تعالى نصرة الجناب الكريم، وبذلك يكتب عن نائب الشام إلى الأمراء الطبلخاناه بالشام، ونائب القدس، ونائب بعلبك، ومتولي صيدا، والطبلخاناه بحلب، ووكيل بيت المال بها، والمحتسب بها، وناظر خاص البريد بها، وأمير حاجب بصفد.
المرتبة الثانية عشرة: من يكتب إليه عن هذه الطبقة: ضاعف الله تعالى نعمة الجناب العالي. وبذلك يكتب عن نائب الشام، إلى والي قطيا، وربما زيد فيه الكريم.
المرتبة الثالثة عشرة: من يكتب إليه عن هذه الطبقة: أدام الله تعالى نعمة الجناب العالي. وبذلك يكتب إلى نائب الشام إلى أمراء العشرات بمصر، وأمراء العشرينات بالشام، والمحتسب بها، والحاجب الكبير بغزة، ومقدم عرب بني عقبة، وأكابر عرب آل فضل، وأمير عرب آل علي، وأمير آل موسى، ونائب مصياف، ومتولي بيروت.
المرتبة الرابعة عشرة: من يكتب إليه عن هذه الطبقة: المجلس العالي مع الدعاء. وبذلك يكتب عن نائب الشام إلى العشرات بدمشق، ووالي المدينة، ووالي البر فيها، والحاجب الثاني بغزة، وأمير آل مرا، ومقدم عرب جرم، ومقدم بني مهدي، وأمراء العشرينات بحلب.
المرتبة الخامسة عشرة: من يكتب إليه عن هذه الطبقة: صدرت والعالي. وبذلك يكتب عن نائب الكافل والأتابك، إلى كاشف الوجه البحري من الديار المصرية، وكاشف الفيوم والبهنساوية، ووالي أسوان، وكاشف الجسور من أمراء الطبلخاناه بالوجهين، القبلي والبحري بالديار المصرية، ونائب قلعة حلب، ونائب آياس، ونائب جعبر، ونائب درندة، وحاجب الحجاب بطرابلس، وحاجب الحجاب بحماة، وحاجب الحجاب بصفد. وبذلك يكتب أيضاً عن نائب الشام إلى أجناد الحلقة بمصر، والحاجب الكبير بحمص، وأمراء العشرات بحلب.
المرتبة السادسة عشرة: من يكتب إليه عن هذه الطبقة: صدرت والسامي. وبذلك يكتب عن النائب الكافل والأتابك، إلى والي قوص، ووالي منفلوط، ووالي الأشمونين، ووالي البهنسا، ووالي منوف، ووالي الغربية، ووالي الشرقية، ووالي قطيا، ونائب مصياف، ونائب بعلبك، ونائب قلعة صفد، ونائب عينتاب، والحاجب الكبير بغزة. وبذلك يكتب أيضاً عن نائب الشام إلى مقدم الحلقة بالشام، وأعيان الجند بها، ومقدم بني مهدي، ومتولي الصلت وعجلون، ومتولي صرخد، والحاجب الصغير بحمص، ووالي تدمر، ومقدم إقليم الخروب بصيدا، ومقدم إقليم النعاج، ووالي البقاعين، ووالي بلنياس.
المرتبة السابعة عشرة: من يكتب إليه عن هذه الطبقة: هذه المكاتبة وبذلك يكتب عن نائب الكافل والأتابك، إلى والي الجيزية، ووالي أطفيح، ووالي قليوب، ووالي أشموم الرمان بالديار المصرية، وبذلك يكتب أيضاً إلى نائب الكختا، ونائب كركر، ونائب حجر شعلان، ونائب سرفندكار، ونائب القصير، ونائب بغراس، ونائب الراوندن، ونائب الشغر وبكاس، ونائب الرها، ونائب الدربساك، ونائب شيزر بالمملكة الحلبية، وإلى نائب اللاذقية، ونائب صهيون، ونائب حصن الأكراد، ونائب حمص، ونائب المرقب، ونائب بلاطنس، ونائب الكهف، ونائب القدموس، ونائب الخوابي، ونائب العليقة، ونائب المينقة من أعمال طرابلس، ونائب شقيف تيرون من معاملة صفد. وبذلك يكتب أيضاً عن نائب الشام إلى صغار الأجناد بمصر، وإلى كاشف الرملة، ومتولي حسبان، وحامي الخربة.
واعلم أن وراء ما تقدم من المكاتبات عن نائب الشام مكاتبات أخرى إلى من هو خارج عن المملكة، وهم على مراتب: المرتبة الأولى: من يكتب له عنه: يقبل الأرض: صاحب بغداد، كما كان يكتب للقان أحمد بن أويس، كان يكتب إليه في ورق قطع نصف الحموي بقلم الثلث الصغير: يقبل الأرض لدى الحضرة الشريفة، العالية، المولوية، السلطانية، العالمية، العادلية، المؤيدية، المالكية، القانية، ولا زالت عزماتها مؤيدة، وآراؤها مسددة، وينهي إلى العلم الكريم. صاحب السراي: ودشت القبجاق مثله بأبسط ألقاب.
المرتبة الثانية: من يكتب إليه: أعز الله تعالى أنصار المقر الشريف ابن السلطان أحمد بن أويس المذكور. وورقه نظير ورق والده، وقلمه نظير قلمه، صاحب هراة: مثله.
المرتبة الثالثة: من يكتب إليه: أعز الله تعالى أنصار المقر الكريم، صاحب ماردين: أعز الله تعالى أنصار المقر الكريم العالي، المولوي، الكبيري، العادلي، السلطاني، الملكي، الفلاني، ورفع مقداره، وأجزل مباره. المملوك يجدد الخدمة العالية، ويصف أشواقه المتوالية، وينهي لعلمه الكريم. صاحب برصا: من بلاد الروم، وهو ابن عثمان. والرسم فيه على ما كان يكتب لأبي يزيد بن مراد بك بن عثمان: أعز الله تعالى أنصار المقر الكرين، العالي، المولوي، الكبيري، العالمي، العادلي، العوني، الغياثي، الممهدي، المشيدي، الزعيمي، الغازي، المجاهدي، المثاغري، المرابطي، العابدي، الناسكي، الزاهدي، المقدمي، الأتابكي، المحسني، الظهيري، الملكي، الفلاني، معز الإسلام والمسلمين، سيد الأمراء في العالمين، ناصر الغزاة والمجاهدين، زعيم جيوش الموحدين، مبيد المشركين، قامع أعداء الدين، مقتلع الحصون من الكافرين، عون الأمة، عماد الملة، ذخر الدولة، ظهير الملوك والسلاطين، حاكم البلاد الرومية، صاحب برصا وقيسرية، سيف أمير المؤمنين، قهر الله أعداء الدين الحنيفي بعزائمه وسطوته، وجعله مؤيداً في حركاته وسكناته، وأيده في جهاده واجتهاده بالنصر الذي لا يفارق ألوية أعلامه ورواياته، ولا زالت رعاياه محبورة، وعساكره منصورة، هؤلاء بجوده وهباته، وهؤلاء بوجوده وحياته، المملوك يقبل اليد التي لا زال القصد بها يزيد، وبحر البر من أناملها مديد، ونوالها يناله الوافدون حيث أموه من قريب وبعيد، ويصف صفاء محبة يتضاعف نماؤها كل يوم جديد، وتترادف تحيات أشواقها بالمولاة والتحميد، ويتؤامر بهادي رسائلها بصدق المودة الدائمة على التأبيد، ويبدي إلى العلم الكريم.
قلت: كذا رأيته في دستور بخط القاضي ناصر الدين بن أبي الكيب، كاتب سر الشام كان. وفيه اضطراب وتخليط من نعته في ألقابه بقوله الملكي الفلاني، وقوله سيد الأمراء في العالمين، حيث وصفه أولاً بأوصاف الملوك، ثم وصفه بأوصاف الأمراء، إلى غير ذلك من الخبط الذي لا يخفى على متأمل.
المرتبة الرابعة: أعز الله تعالى أنصار المقر العالي، وزير صاحب بغداد، وورقه قي قطع الحموي بقلم الثلث الخفيف. قاضي بغداد: مثله بسوء. صاحب لارندا، من بلاد الروم بمملكة بني قرمان. ويقال في ألقابه: الأصيلي نوين التوامين، مجهز المقانب، ذخر القانات. صاحب سيواس، من البلاد الرومية أيضاً. صاحب آياس لوق، من البلاد الرومية. صاحب جولموك، من بلاد الأكراد.
المرتبة الخامسة: الجناب الكريم صاحب حصن كيفا، من بلاد الجزيرة، ويقال فيه: الملكي الفلاني، مقدم التركمان البياضية.
المرتبة السادسة: الجناب العالي، صاحب أرزنجان. صاحب جزيرة ابن عمر من بلاد الجزيرة. صاحب أنطاليا من بلاد الروم. ابن الشيخ عبد القادر الكيلاني شيخ الجبال.
المرتبة السابعة: المجلس العالي، صاحب ميافارقين من بلاد الجزيرة صاحب أكل، من جزيرة أيضاً صاحب قلعة الجوز صاحب جرموك صاحب أماسيا، من بلاد الروم نائب ماردين خادم صاحب ماردين صاحب بطنان صاحب سنجار، من بلاد الجزيرة صاحب حاسك، صاحب أزبك صاحب الموصل صاحب سنوب صاحب بوشاط صاحب الدربند صاحب عين دارا صاحب الحمة صاحب خلاط صاحب طلان صاحب تاخ صاحب جمشكزاك نائب كربزاك صاحب القنطرة نائب خرت برت صاحب البارعية صاحب حران صاحب العمادية صاحب حاني نائب خرت مازكرد نائب صالحية ماردين أمير التركمان الشهرية صاحب أشنة.
الطبقة الثانية: ممن يكتب عنهم أعيان الدولة بالديار المصرية، من يكتب له عن السلطان: أعز الله تعالى نصرة الجناب الكريم، وهو نائب السلطنة بحلب. والمكاتبة عنه على مراتب: المرتبة الأولى: الفلاني بمطالعة وهو نائب الكافل بالحضرة السلطانية، وأتابك العساكر بالمنصورة.
المرتبة الثانية: الأبواب بمطالعة وهو نائب السلطنة بالشام، والأمير الدوادار بالأبواب السلطانية، وأستاد الديار بها، وأكابر الأمراء المتقدمين الخاصكية.
المرتبة الثالثة: الأبواب بغير مطالعة. وبذلك يكتب إلى نائب الشام.
المرتبة الرابعة: الباب الكريم. وبذلك يكتب إلى نائب السلطنة بطرابلس، ونائب السلطنة بصفد، وكذلك يكتب به إلى الطبقة الثانية من الأمراء المتقدمين بالحضرة ممن دون الخاصكية، وفي معنى ذلك الوزير، وكاتب السر، وناظر الخاص، وناظر الجيش، ومن في معناهم.
المرتبة الخامسة: يقبل الأرض بالمقر الشريف. وبذلك يكتب إلى حاجب الحجاب بالشام.
المرتبة السادسة: يقبل الباسطة وبذلك يكتب إلى الحاجب الثاني بالشام، وحاجب الحجاب بحلب، وحاجب الحجاب بحماة، وحاجب الحجاب بطرابلس، وقاضي القضاة الشافعي بحلب، وكاتب السر بها.
المرتبة السابعة: يقبل اليد الشريفة. وبذلك يكتب إلى نائب البيرة، ونائب ملطية، ونائب قلعة المسلمين، ونائب جعبر ونائب الرها، ونائب الأبلستين، ونائب حمص، وأمراء الطبلخاناه بدمشق.
المرتبة الثامنة: أعز الله تعالى أنصار المقر الكريم، وبذلك يكتب إلى نائب طرسوس، ونائب الرحية، والحاجب الثاني بطرابلس، ومقدمي الألوف بها، والقضاة الثلاثة: المالكي، والحنفي، والحنبلي بحلب. إلا أنه يقال: أعز الله تعالى أحكام المقر.
المرتبة التاسعة: أعو الله تعالى أنصار المقر الكريم العالي، وبذلك يكتب إلى نائب بهنسى، ونائب الرحبة، وأكابر الطبلخاناه بالشام، ومن تولى الإمرة من عرب آل فضل ثم عزل، وقضاة العساكر المنصورة بحلب، وناظر المملكة بها، وأمير آل علي.
المرتبة العاشرة: أعز الله تعالى نصرة الجناب الكريم، وبذلك يكتب إلى أعيان أمراء الطبلخاناه بحلب، والحاجب الثالث والرابع بها، وأكابر أولاد أمراء عرب آل فضل.
المرتبة الحادية عشرة: ضاعف الله تعالى نعمة الجناب العالي وما في مهناه مما يكتب به إلى أرباب الأقلام وغيرهم، وبذلك يكتب إلى نائب شيزر، وأمراء الطبلخاناه بحلب، غير الأعيان، وناظر الأملاك الشريفة بحلب، وناظر خاص البريد وموقعي الدست بها.
المرتبة الثانية عشرة: صدرت والعالي. وبذلك يكتب إلى نائب عينتاب ونائب الراوندن، ونائب الكختا، ونائب كركر، ونائب بغراس، ونائب الدربساك، ونائب الشغر وبكاس، ونائب القصير، وأمراء العشرينات بحلب، وأعيان العشرات بها.
المرتبة الثالثة عشرة: صدرت والسامي. وبذلك يكتب إلى مقدمي الحلقة بحلب، ومقدمي البريدية بها، وأعيانهم.
المرتبة الرابعة عشرة: السامي بغير الياء. وبذلك يكتب إلى والي سرمين، ووالي الباب، ووالي غزاز، ووالي أنطاكية، ووالي حارم، ووالي كفر طال، ووالي الجبول، ووالي منبج، ووالي تل باشر، وأجناد الحلقة بحلب، وصغار البريدية بها، وعداد التركمان وعداد الأكراد.
واعلم أن وراء ما تقدم من المكاتبات الصادرة عن نائب حلب مكاتبات أخرى إلى من هو خارج عن المملكة، كما تقدم في المكاتبات الصادرة عن نائب الشام، وهي على مراتب: المرتبة الأولى: المكاتبة بيقبل الأرض: القان صاحب بغداد كما كان يكتب إلى القان أويس وابنه أحمد: يقبل الأرض بالمقام الشريف العالي، المولوي، السلطاني، الأعظمي، الأوحدي، الملاذي، العطوفي، المحسني، القاني، الملكي الفلاني، الجلالي، أعلى الله تعالى شانه، وأعز سلطانه، وأمكن من رقاب الأعداء مكانهن ولا زال لواؤه يتأزر بالنصر ويرتدي، وفناؤه يروح إليه العز ويغتدي، وعزمه يثقف صرف الزمان فلا يعتاد أن يعتدي، ولا برح محموداً في موقف النصر موقفه، ماضياً في هامات أعدائه مرهفه. وينهي بعد أدعية رفعها إلى مواطن الإجابة، فتقبلها ربها بقبول حين وموالاة شفعها فلذات بها الأسماع لذاذة الأعين الساهرة بالوسن، أن الأمر كيت وكيت.
المرتبة الثانية: من يكتب له أعز الله تعالى أنصار المقر الشريف: صاحب ماردين. والرسم أن يكتب إليه: أعز الله تعالى أنصار المقر الشريف، العالي، المولوي، الكبيري، العالمي، العادلي، السلطاني، الملكي، الفلاني، ويدعى له نحو: لا زالت أيامه مسعودة، وأبوابه مقصودة، وألوية النصر بنواصي خيله معقودة، المملوك يقبل اليد الشريفة، ويقوم من الخدمة بأكمل وظيفة، وينهي لعلمه الكريم بعد السلام الزكي، والثناء المسكي، كيت وكيت، فيحيط بذلك علمه الكريم، ويتحف بالمشرفات على عادة فضله العميم.
المرتبة الثالثة: أعز الله تعالى أنصار المقر الكريم. وبذلك يكتب إلى ابن قرمان نائب السلطنة بالبلاد القرمانية، حاكم جولموك، صاحب برصا وهو ابن عثمان صاحب آياس لوق.
المرتبة الرابعة: المقر العالي وبذلك يكتب إلى صاحب حصن كيفا والوزير بالممالك القانية وقاضيها.
المرتبة الخامسة: أعز الله تعالى نصرة الجناب الكريم، وبذلك يكتب إلى صاحب أنطاليا من بلاد الروم.
المرتبة السادسة: ضاعف الله تعالى نعمة الجناب العالي. وبذلك يكتب إلى نائب كربزاك، وحاكم أماسيا، وحاكم سنوب، والحاكم بخرت برت.
المرتبة السابعة: أدام الله تعالى نعمة الجناب العالي. وبذلك يكتب إلى نائب ماردين، ونائب الصالحية، وبعض خدام صاحب ماردين.
المرتبة الثامنة: صدرت والعالي، وبذلك يكتب إلى حاكم حران، ونائب مازكرد، وحاكم قلعة الجوز.
الطبقة الثالثة: ممن يكتب عنه من أعيان الدولة بمملكة الديار المصرية. ومن يكتب إليه عن السلطان ضاعف الله تعالى نعمة الجناب العالي. كوزير المملكة بالديار المصرية، وناظر الخاص، على ما استقر عليه الحال آخراً. وأرباب الوظائف من الأمراء المتقدمين بها، كأمير سلاح، وأمير مجلس، وأميرخور، والداوادار، وإستادار، وحاجب الحجاب، ونائب الإسكندرية، وكذلك نواب السلطنة بطرابلس، وحماة، وصفد، من الممالك الشامية.
والمكتوب إليهم عن هذه الطبقة على تسع مراتب: المرتبة الأولى: الفلاني بمطالعة وهم: النائب الكافل، وأتابك العساكر، ونائب الشام.
المرتبة الثانية: الأبواب بمطالعة. وبذلك يكتب على نائب حلب.
المرتبة الثالثة: الأبواب بغير مطالعة وبذلك يكتب إلى نائب طرابلس، ونائب حماة، ونائب صفد، ونائب الكرك، وأمير سلاح وغيره من سائر من في هذه الطبقة.
المرتبة الرابعة: الباب الكريم. وبذلك يكتب إلى نائبي الوجهين البلي والبحري بالديار المصرية، ومقدمي العسكر بغزة وسيس، لأمراء المقدمين المتوجهين من الأبواب السلطانية لكشف الجسور والمساحة وقبض الغلال.
المرتبة الخامسة: يقبل الأرض بالمقر الشريف إن قصد تعظيمه، أو الباسط الشريف إن لم يقصد، وبذلك يكتب إلى المرتبة السادسة: يقبل اليد العالية. وبذلك يكتب إلى أمراء الطبلخاناه المتوجهين من الأبواب السلطانية لكشف الجسور والمساحة والقبض. وربما انحطت رتبة أحد هؤلاء فيكتب إليه: أعز الله تعالى أنصار المقر الكريم، أو نصرة الجناب الكريم، أو ضاعف الله تعالى نعمة الجناب العالي.
المرتبة السابعة: ضاعف الله تعالى نعمة الجناب العالي، وبذلك يكتب إلى كاشف الوجه البحري وكاشف الفيوم والبهنساوية.
المرتبة الثامنة: أدام الله تعالى نعمة المجلس العالي. وبذلك يكتب إلى الولاة الطلبخاناه بالوجهين القبلي والبحري بالديار المصرية، كقوص والمحلة، وغيرهما، وربما كتب صدرت والعالي لأحدهم.
المرتبة التاسعة: صدرت والسامي. وبذلك يكتب إلى ولاة العشرات بالوجهين القبلي والبحري بالديار المصرية.
الطبقة الرابعة: ممن يكتب عنه من أعيان الدولة بمملكة الديار المصرية، من يكتب إليه عن السلطان أدام الله تعالى نعمة المجلس العالي، ككاتب السر وناظر الجيش، وكذلك الحجاب الطبلخاناه بالديار المصرية. وعلى ذلك كان ناظر الخاص في الزمن المتقدم، فلما جمع للصاحب شمس الدين المقسي بين الوزارة ونظر الخاص، كما يكتب عنه بما يكتب عن الوزراء كما تقدم. فلما انفصل الخاص عن الوزارة روعي في الخاص ذلك القدر، فكتب عن ناظر الخاص كما كتب عن الوزير، والأمر على ذلك إلى الآن.
والمكاتبات الصادرة عن هذه الطبقات على مراتب: المرتبة الأولى: الفلاني بمطالعة. وذلك يكتب إلى النائب الكافل، والأتابك، ونائب الشام، وألحقوا بهذه الرتبة نائب حلب، فكتبوا إليه الفلاني.
المرتبة الثانية: الأبواب بمطالعة. وبذلك يكتب عن هذه الطبقة إلى نواب السلطنة بطرابلس، وحماة، وصفد، وثغر الإسكندرية.
المرتبة الثالثة: الأبواب بغير مطالعة، وبذلك يكتب إلى نائبي الوجهين القبلي والبحري بالديار المصرية، ومقدمي العسكر وسيس، وربما كتب إلى أحدهم الباب الكريم.
المرتبة الرابعة: الباسط الشريف. وبذلك يكتب إلى نائب الكرك.
المرتبة الخامسة: يقبل الباسطة، وبذلك يكتب إلى نائب القدس الشريف، ونائب الرحبة، وكاشف الوجه البحري، وكاشف الفيوم بالديار المصرية.
المرتبة السادسة: يقبل اليد العالية. وبذلك يكتب إلى الولاة الطبلخاناه بالوجهين القبلي والبحري، بالديار المصرية.
المرتبة السابعة: يخدم الجناب العالي. وبذلك يكتب إلى الولاة العشرات بالوجهين القبلي والبحري أيضاً.
قلت: وعلى هذه الطبقات الأربع يقاس من دونهم ممن يكتب إليه عن السلطان، صدرت والعالي، كنائبي القدس والرحبة، ومن يكتب له: هذه المكاتبة، كالولاة الطبلخاناه بالوجهين القبلي والبحري، ومن يكتب له: يعلم كالولاة العشرات بالوجهين أيضاً. على أن الغالب في مثل هؤلاء أن تكون الكتابة عنهم لأعيان الدولة، الفلاني بمطالعة وفيمن هم مثلهم أو دونهم يقاس على ما تقدم.
والعم أن هذه المراتب المضمنة للطبقات ليست على سبيل اللزوم في الوقوف عند حدها، بحيث لا يجوز تجاوزها بزيادة ولا التأخر عنها بنقص، بل هي على سبيل التقريب، والأمر في زيادة رتبة المكتوب إليه زيادة لا تخرجه عن حده في المقدار موكول إلى اختيار الكاتب، يزيد في ذلك وينقص، بحسب ما تقتضيه الحال من رفعة قدر المكتوب إليه، لمزيد رفعته عن نوعه، أو محاباته لاستمالته إلى القصد المطلوب منه، أو الغض منه بحطيطة رتبته أو نحو ذلك.